الرجاء إدخال البريد الالكتروني للحصول على رمز تأكيد التنزيل.
أدخل رمز التأكيد
يرجى ملء الحقول أدناه، ومشاركتنا رابط المقال و/أو تحميله:
يرجى إستعمال الملف ك pdf, doc, docx
مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية - سكايز - مؤسسة سمير قصير

"الأكثر مهنيّة في المنطقة العربية"؟... ما نعرفه عن جوائز "سمير قصير" لعام 2023

المصدر رصيف٢٢
الإثنين , ٠٥ حزيران ٢٠٢٣

"كسوريين ناجين من المقتلة عنّا واجب واحد وهو الحفاظ على سردية روايتنا، خاصةً في ظل انعدام المساءلة"، بهذه الكلمات عقّبت الكاتبة والمخرجة السورية إيناس حقي على فوزها بجائزة أحسن مقال وكذلك بجائزة الطلاب ضمن جوائز مؤسسة سمير قصير لحرية الصحافة لعام 2023، في الحفل الذي احتضنته العاصمة بيروت مساء الاثنين 5 حزيران/ يونيو 2023.

مقال حقي الفائز هو "رسالة إلى جاكي شان"، المنشور عبر رصيف22، وهو ما دفعها إلى توجيه الشكر إلى المنصة، ولمحررة قسم "العالم العربي وأوروبا" في رصيف22، زينة قنواتي، لمنحها الفرصة لنشر كلماتها والتعبير عن أفكارها.


علاوة على حقي، فاز الصحافي اللبناني محمد شريتح بجائزة المقال المصوّر، وحصد الصحافي المصري محمود السبكي جائزة التحقيق الاستقصائي لهذه السنة.


وهذه هي الدورة الثامنة عشرة من الجائزة الصحافية المرموقة والتي أُعلن عنها للمرة الأولى في عام 2005، عقب بضعة أشهر من اغتيال الصحافي الرائد سمير قصير في لبنان، وبدأ توزيعها في العام التالي.


وضمّت القائمة القصيرة للجائزة عن فئة التقرير الإخباري السمعي البصري ثلاثة تحقيقات هي: "‘يا ريتني موت وارتاح‘... من ينقذ مخيم الزيتون بإدلب؟" للصحافيين السوريين أحمد الأمين ومصطفى العاصي، وتحقيق "متخافوش مننا" للصحافيين المصريين أحمد جمال الدين وأحمد خلّاف، وتحقيق "السلطات اللبنانية تضيّق الخناق على مجتمع الميم وتمنع تجمعاتهم" للصحافي اللبناني محمد شريتح.


أما فئة التحقيق الاستقصائي، فترشحت للقائمة القصيرة أربعة تحقيقات هي: "كشف جبري… عنف الولادة يمر من دون حساب" للمصرية سارة جمال، و"أطفال سوريون ضحايا انتهاكات جنسية" للسورية هديل عرجة، و"الهجرة بجواز شبيه… سماسرة وسوق سوداء لوثائق السفر الأوروبية" للمصري محمود السبكي، و"‘تحت التعذيب سأعترف بأي شيء‘... سجناء سوريون في المسلخ اللبناني" للبنانية باسكال صوما.

وعن فئة مقال الرأي، ترشحت مقالات: "رسالة إلى جاكي شان" المنشور عبر رصيف22 للكاتبة السورية إيناس حقي، و"اسمي كلب… عن رفاقنا الحيوانات والسياسة والفقدان" للكاتبة التونسية ريم بن رجب، و"ذاكرة تكتظ بالمقهورات… عن التخلي وثمن كلمة ‘لا‘" للكاتب السوري سامر مختار للقائمة القصيرة.


عن سمير قصير

ولد سمير قصير في الرابع من أيار/مايو عام 1960 لأب لبناني فلسطيني وأم لبنانية سورية. ونشأ في الأشرفية، شرق العاصمة اللبنانية بيروت، قبل الانتقال لاستكمال دراسته الجامعية في باريس عام 1981.


عُرف سمير قصير بـ"مؤرخ بيروت" بسبب مؤلفاته عن تاريخ المدينة ومراحل نهضتها. في حين شكّلت مقالاته وافتتاحياته في جريدة "النهار" في نهاية تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية الثانية أبرز ما كُتب في مواجهة الهيمنة السورية على لبنان وحكم الرئيس إميل لحود وأجهزته الأمنية. وهو ما عرّضه للتهديد مراراً، وأدى إلى اغتياله في نهاية المطاف.

عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في 14 شباط/ فبراير عام 2005، شارك سمير قصير بفاعلية في الانتفاضة الشعبية المضادة لهيمنة المخابرات السورية على لبنان، وكان له الفضل الأبرز في تسميتها بـ"انتفاضة الاستقلال" للتأكيد على طابعها الوطني الاستقلالي، وربطها بالانتفاضة الفلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي عام 1987.


وفي الثاني من حزيران/ يونيو 2005، اغتيل قصير بعبوة وضعت تحت سيارته في بيروت، لتنتهي حياة ومسيرة صحافي حر وكاتب لامع، بموت تراجيدي في سياق محاولات تكميم الأفواه الحرة في لبنان وترهيبها، من أجل ضرب انتفاضة الاستقلال وخنق رياح الحرية التي صنعتها بيروت.

وبعد اغتياله تأسست مؤسسة "سمير قصير" التي تعمل على تخليد ذكراه وترسيخ المبادئ التي اغتيل لأجلها من خلال ثلاثة أطر هي: 

1- جمع تراث سمير قصير ونشره وترجمته الى اللغات المختلفة، وتعميمه عبر النشر والإنترنت والوسائل المتعددة.

2- العمل من أجل حرية الثقافة، عبر نشر الفكر النهضوي، والاعداد لحلقات دراسية ونشاطات علمية، وتفتح المجال لكافة فئات المجتمع للتعرف على ثقافات متعددة وتنظيم مهرجانات فنية.

3- الدفاع عن حرية الصحافة عبر رصد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والعاملون في المجال الإعلامي، والدفاع عن المضطهدين منهم، وتعزيز المهارات المهنية للعاملين في المجال الإعلامي، وتقديم جوائز للصحافيين الشباب باسمه.

عن جوائز سمير قصير

انطلقت جوائز سمير قصير لحرية الصحافة بإعلان المفوضية الأوروبية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2005 إنشاء هذه الجائزة الأوروبية في مؤتمر صحافي ببيروت كـ"ردة فعل على اغتيال الصحافيين ولتشجيع الصحافيين وحرية الصحافة"، بحسب ما يقول لرصيف22 المسؤول الإعلامي في مؤسسة سمير قصير، جاد شحرور. وذلك قبل أن توزع لأول مرة في 2006.


يضيف شحرور أن الجائزة تطورت على عدة مراحل  ويضرب لذلك مثالاً أنه كانت هناك جائزة الطلاب في عام 2009. وفي عام 2013، استحدث التحقيق المرئي المصور. وعام 2020 وبرغم جائحة كوفيد-19 لم تُلغَ الجائزة وأُعلنت عن بعد في موعد متأخر نسبياً عن المعتاد. حالياً، توزع الجوائز عن ثلاث فئات هي: مقال رأي، وتحقيق استقصائيّ، وتقرير سمعي بصري.


ويوضح شحرور أنه منذ انطلاقة الجائزة عام 2006 وحتى عام 2022، مُنحت 45 جائزة تحمل اسم سمير قصير لـ45 صحافياً وباحثاً، بينهم 27 رجلاً و18 امرأة، بعضهم/ن يعيشون/يعيشن في المنفى، فيما يواجه آخرون وأخريات تحديات جمّة لتأدية واجبهم/ن المهني.


وفي حالتين فقط، فاز صحافيان بالجائزة مرّتين: الصحافي اللبناني حبيب بطاح عامي 2006 و2011، والصحافي العراقي أسعد الزلزلي عامي 2017 و2018. ذهبت الجوائز لصحافيين من مصر 15 مرة، مقابل 9 مرات لصحافيين سوريين، و7 مرات لصحافيين من لبنان، و4 مرات لصحافيين من فلسطين، ومن تونس 3 مرات، وكذلك العراق، ومرتين لصحافيين من المغرب، ومرة واحدة لصحافيين من ليبيا، والأردن والجزائر.


وتتألف لجنة التحكيم سنوياً من سبعة أعضاء من جنسيات وخلفيات متعددة؛ أربعة حكّام من العالم العربي، وثلاثة من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأعضاء اللجنة هم عادةً صحافيون، ومتخصصون في مجال الإعلام، ومدافعون عن حقوق الإنسان وخبراء وباحثون في هذا المجال، ونشطاء في المجتمع المدني، ومسؤولون حكوميون سابقون لهم مساهمات في إعلاء شأن قضايا حقوق الإنسان.

ما هي معايير اختيار الجائزة؟

يوضح جاد شحرور أن معايير اختيار الفائزين/ات تمنح الأولوية للحياد التام والشمولية ولا تفرض شروطاً تتعلق بالتوازن الجندري أو الفئوي، أي تحديد نسبة الفائزين الذكور إلى الفائزات الإناث، أو الصحافيين في أوطانهم إلى الصحافيين في المنفى، أو منح أفضلية للصحافيين في دول الصراع بالمنطقة. 


يشرح شحرور: "عند الإعلان عن الجائزة، نتوجه إلى جميع الأشخاص القادرين على المشاركة بشكل عادل تماماً. ولا نتدخل في جنسية أو النوع الاجتماعي للمرشحين/ات سيّما أن المواد المرشحة تصل إلى أعضاء لجنة التحكيم بـ‘كود‘ رقمي وليس اسماً. ولا يعرف أعضاء هيئة التحكيم اسم الصحافي/ة الفائز/ة إلا بعد انتهاء الاختيار حتى لا يتأثروا بأي عوامل هامشية بخلاف جودة وكفاءة المادة الصحافية".


أما ديانا مقلد، الشريكة المؤسِّسَة ورئيسة التحرير التنفيذية لموقع "درج"، والعضوة السابقة في لجنة تحكيم جوائز سمير قصير، فتقول لرصيف22 إن "معايير التقييم تتضمن ارتباط المادة بإحدى قضايا حقوق الإنسان، وتمتُّعها بأسلوب صحافي مميز ولافت، وضرورة وجود حداثة أو ابتكار في القصة أو الموضوع، ومدى ارتباطها بقضايا راهنة وقليلاً ما يتم تسليط الضوء عليها".


وتزيد: "شاركت في جائزة سمير قصير منذ نحو تسع سنوات أو أكثر. وكما في كل مشاركة في لجنة تحكيم من هذا النوع، يكون التركيز على ضمان حصول جميع المتنافسين على فرصة عادلة وتأمين وصول المتميزة موادهم إلى النهائيات وضمان أن يكون الفائزون مستحقون للجائزة فعلاً وبكل نزاهة".


ويقول المصور الصحافي عمار عبد ربه، عضو لجنة تحكيم جوائز سمير قصير سابقاً، في حديث مع رصيف22، إن معايير المواد الصحافية الفائزة بجوائز سمير قصير خلال وجوده في اللجنة كانت "مهنية تماماً" ومن أهمها: "أن يكون الموضوع مكتوب بطريقة مهنية - حكاية خبرية واضحة تُجيب عن الأسئلة المعروفة (من وماذا وأين ومتى ولماذا وكيف)، بطريقة جذابة ومبتكرة" و"أن يكون هناك جودة أدبية إلى حد ما، حتى يكون النص سلساً ومشوقاً" و"أن يكون موضوع التحقيق قوي وجميل".


ويستطرد بأنه كان حريصاً على نحو خاص على إعلاء القيم الإنسانية بما فيها الشعور بالآخر وإرساء العدالة ومكافحة الظلم والعبودية خلال وجوده في لجنة تحكيم جوائز سمير قصير، مردفاً "كل أعضاء لجنة الحكم لديهم نفس الأولويات لكن لأن كل منا من محيط مختلف، يركز على أمور مختلفة. كمصور صحافي، اهتممت وركزت أكثر بالجانب التصويري للقصة الصحافية والصورة المجسّدة في التعابير".

"ترسّخ المصداقية" و"تفتح آفاقاً جديدة للصحافيين"

وعن أهمية جائزة سمير قصير، يقول سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان، رالف طراف، إنه "منذ العام 2006، نجحت الجائزة في تمكين عشرات الصحافيين/ات المستقلّين/ات الشباب/ات من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، والخليج. كما ساهمت في تحسين جودة الصحافة الاستقصائية في المنطقة، ووفّرت منبراً للصحافيين/ات المعرّضين/ات للاضطهاد أو التهديد في بلادهم/هن".


ويشرح عبر الموقع الرسمي للمؤسسة: "في منطقةٍ تُعتبر فيها حرية الصحافة محدودةً، وحيث يخضع الإعلام غالباً لسيطرة الدول، لم يكن الوصول إلى صحافة موثوقة وذات جودة أكثر أهميةً ممّا هو عليه اليوم. لذا، تؤدّي جوائز الصحافة دوراً بالغ الأهمية في تقدير الصحافيين/ات وجهودهم/هن. فهذه الجوائز تُرسّخ المصداقية التي يحتاج إليها الصحافيون/ات من أجل رفع الصوت ضدّ العنف، والقمع، والفساد".


أما جاد شحرور، من مؤسسة "سمير قصير"، فيقول لرصيف22 إن "الجائزة تفتح آفاقاً مهنية جداً واسعة للصحافيين الفائزين بها، وتشجع المزيد من المؤسسات الصحافية العربية والعالمية على التعاون معهم وهذا راجع إلى المعايير المهنية التي تمنح على أساسها الجائزة" وإنها "دليل على مهنية واحترافية وجودة عمل الصحافي والتزامه بأخلاقيات المهنة". 


"أي صحافي يستفيد من جائزة سمير قصير أو يشارك في فعاليات يصبح تلقائياً من عائلة سمير قصير، وتوجه له الدعوة في أي تدريبات أو دعم للمشاريع مستقبلياً"، يردف شحرور.


وتؤكد مقلّد أن استمرارية جوائز سمير قصير في المنطقة العربية "أمر ضروري لأن معظم الجوائز الصحافية المقدمة في المنطقة هي جوائز تابعة لأنظمة وحكومات لا تركز على قضايا أساسية تتعلق بالحقوق والحريات. لكن مؤسسة سمير قصير تعطي في جوائزها مساحة للإعلام النقدي والمستقل والاستقصائي لتناول قضايا أساسية لا نجدها غالباً في الإعلام التقليدي والسائد".


وتردف: "أُشجّع الصحافيين والصحافيات خصوصاً الناشئين والناشئات على التقديم للجائزة لأنها جائزة فيها الكثير من النزاهة والتنوّع والمصداقية ويمكن لمن ينالها أن يشعر بالفخر لذلك".


يتفق معها عمار الذي يقول: "الأنظمة الحاكمة في منطقتنا هي على الأغلب أنظمة قمعية ودكتاتورية وإن منحت جوائز صحافية تكون لمن يمجدها ويروج لها. جائزة سمير قصير المدعومة من الاتحاد الأوروبي، تدافع عن القيم التي تبناها الراحل سمير قصير وهي قيم لا تتماشى مع سياسات هذه الأنظمة القمعية والدكتاتورية".

"منحت تحقيقي شهرةً وبعداً إقليمياً ودولياً"

حصلت حنان زبيس، وهي صحافية استقصائية ورئيسة فرع تونس للاتحاد الدولي للصحافة الفرنكفونية، على الجائزة عام 2014 عن فئة التحقيق الاستقصائي عن تحقيق أجرته بالتعاون مع "أريج" عن رياض الأطفال القرآنية في تونس وكيف نشطت الجماعات الإسلامية عقب ثورات الربيع العربي في تغيير النموذج المجتمعي في العديد من البلدان العربية وأسلمة المجتمع انطلاقاً من أسلمة الأطفال عبر "غسل الدماغ" ليكونوا "الجيل الجديد من المتطرفين".


تلفت زبيس، في حديث مع رصيف22، إلى أن "الجائزة منحت شهرةً وبعداً إقليمياً ودولياً للتحقيق، وسلّطت الضوء على أهمية موضوع التحقيق وخطورته ليس في تونس وحدها وإنما في العديد من البلدان العربية". وتزيد: "أعتبر الجائزة أيضاً تكريساً للجهد الذي بُذل في التحقيق؛ عملت عليه لمدة عام خاطرت خلاله عدة مرات، وتخفيّت في هوية غير هويتي الصحافية واصطحبت كاميرا خفيّة ودخلت في جماعات مغلقة. اعتبرت فوزي بجائزة سمير قصير اعترافاً بهذا الجهد المبذول وبأهمية الموضوع".

إلى ذلك، تؤكد زبيس أن لديها الحماس للتقديم مستقبلاً للجائزة إذا كانت لديها المادة الصحافية التي تلبّي معايير الجائزة، مضيفةً أن المؤسسة تتواصل معها من حين لآخر فقط لمشاركة شهادتها عن فوزها بالجائزة، وكيف أثّرت في مستقبلها المهني، وإذا ما كانت تشجّع الصحافيين/ ات على الترشح لها.


وتُجيب عن هذا السؤال الأخير بأنها تشجع بشدة على الترشح للجائزة لأنها "تقدّر العمل الجاد الجيد الذي يقوم بإجلاء الحقائق عن ظواهر موجودة في مجتمعاتنا العربية، ويقدّم دفعة للمسيرة المهنية للصحافي/ة، ومساعدته/ها على توصيل رسالته/ها لجمهور أوسع، وقد تفتح له/لها أبواباً أخرى مثلما فتحت لي".

"غيّرت حياتي 180 درجة"

تجربة الصحافي الاستقصائي العراقي أسعد الزلزلي مع الجائزة أكثر ثراءً ومنافع إذ يقول لرصيف22: "أفخر بأنني كنت ولا زلت الصحافي الوحيد الذي فاز بجائزة سمير قصير عن نفس الفئة لعامين متتاليين، عامي 2017 و2018 عن فئة التقرير السمعي البصري".


في المرة الأولى، كانت الجائزة أولى جوائزي الصحافية على المستوى العربي عن تحقيق "المشروع رقم 1" الذي كشف سرقة أكثر من 250 مليون دولار كانت مخصصة لبناء المدارس في العراق بالتواطؤ بين أحد المقاولين ومسؤولين وجهات حكومية. 


يتابع: "بعد الجائزة، حصلت على أكثر من 20 جائزة أخرى عربية ودولية، بينها ثماني جوائز عن نفس التحقيق. وفي العام التالي، حصلت على نفس الجائزة عن تحقيق ‘أطفال داعش‘ الذي يتحدث عن مصير أطفال وعوائل مقاتلي التنظيم الإرهابي العراقيين بعد طردهم من مناطق سيطرة التنظيم السابقة في العراق والانتهاكات الحقوقية التي تعرضوا لها على خلفية صلاتهم بالتنظيم. وفي 2020، ترشح تحقيق آخر لي للقائمة القصيرة (أفضل ثلاثة تحقيقات) عن تحقيق ‘المسكوت عنه خلف أحلام الشاشة‘ عن التحرش بالنساء في الوسط الإعلامي في العراق".


يصف الزلزلي جوائز سمير قصير بأنها "الأكثر مهنيّة في المنطقة العربية"، ويشدد على أن فوزه بها كان بمثابة "الحلم" له. ويتابع: "الجائزة غيّرت حياتي 180 درجة، قبل الفوز بها كنت صحافياً استقصائياً عادياً، وبعد الجائزة أصبحت واحداً من أهم الصحافيين الاستقصائيين في المنطقة العربية. حصلت على جائزة الضوء الساطع وهي أرفع جائزة للصحافة الاستقصائية في العالم عن تحقيق المدارس، وجائزة Dig للصحافة المصورة، وجائزة خالد الخطيب بروسيا، وجائزة محمد حسنين هيكل".


ويشدد: "لا أعتقد أن لديّ جائزة أخرى بقدر أهمية جائزة سمير قصير عدا جائزة محمد حسنين هيكل… كانت فأل خير. قبلها كنت أخشى المنافسة لكنها أنصفتني وزادت ثقتي بنفسي وحفزتني لإنتاج مزيد من التحقيقات الاستقصائية والترشح للجوائز الإقليمية والدولية".

كما يشيد بمؤسسة سمير قصير كونها "مهنية وتحتضن الصحافي تماماً وما يتخلون عنه بسهولة. توجه لنا (من فازوا أو ترشحوا لجوائزها) دعوات لحضور دورات وتدريبات باستمرار".


ويضيف: "ما وجدته من المؤسسة لم أجده من أية مؤسسة مهنية أخرى. حين تعرضت للتهديدات بسبب عملي كانوا أول من نهض لدعمي وحين فزت بالجائزة تغيّرت حياتي المهنية والآن يمنحونني فرصة خوض تجربة جديدة بأن أصبح عضواً في لجنة تحكيم لأول مرة في حياتي".


وبوجه عام، يشجع الزلزلي الصحافيين الشباب على الترشح للجائزة حتى "يقيسوا جودة عملهم ويجنوا ثمار هذا العمل سيّما الصحافيات"، ويقول: "الجانب المادي للجائزة جيد جداً أما المعنوي ففوائده لا تُعد ولا تُحصى. والمشاركة في الجائزة هي شكل من أشكال دعم بقاء الجائزة لأنها تعود بالنفع على حرية الصحافة في النهاية".


وعن مشاركته الحالية كعضو لجنة تحكيم، يوضّح: "لجنة تحكيم هذه السنة، التي تشرفت بالمشاركة فيها، تمتاز بقدر عال جداً من المهنية. اخترنا على أساس عوامل ومعايير عدة تضمن الإنصاف لجميع المشاركين والمشاركات، في حين يُشترط قرب الموضوع من حقوق الإنسان والحريات وتماسه مع حياة المواطن، أسلوب الابتكار في التحقيق وطريقة الصياغة المهنية والصورة الجمالية في إخراج المحتوى للقارئ. أنا شخصياً أقرأ المادة ثلاث أو أربع مرات".


أفادت هذه التجربة الزلزلي الذي يقول: "شعرت بالأمل عندما قرأت التحقيقات المرشحة للجوائز. كانت دائماً لديّ صورة سلبية أن هناك قلة تحرص على تقديم صحافة احترافية مهنية. لكن وصلتني مئات الأعمال الجيدة التي تتناول مواضيع حساسة وخطرة، ما أكد لي أن هناك الكثير من الصحافيين الذين ما زالوا يحملون المعول ويحرثون في الأرض من أجل الوصول إلى الحقيقة".


ويختم: "أحياناً أبتسم حين أتذكر أنني أصبحت عضواً في  لجنة تحكيم في الجائزة التي كنت أحلم بالفوز بها. وأبتسم حين أتذكر انتظاري لحظة إعلان الفائزين/ات بالجائزة، واليوم بيدي الميزان لكي أحكم على صحافيين آخرين. إنها تجربة غنية وثرية. مسؤولية كبيرة جداً وحمل ثقيل. لكن وجود أسماء كبيرة جداً عربية وأجنبية منحني الثقة واستمتعت بالتجربة".


اللافت أن عمار أخبرنا: "وجودي في لجنة التحكيم كان شرفاً عظيماً لي وهو شعور نابع من احترامي الكبير لهذه الجائزة. لكنه كان في الوقت نفسه أمراً صعباً: قراءة كل المواضيع المرشحة وهي غالباً عن محاربة الظلم والفساد والتعذيب والانتهاكات والاغتصاب، يؤثر على النفسية بشكل سلبي للغاية".

مشاركة الخبر