الرجاء إدخال البريد الالكتروني للحصول على رمز تأكيد التنزيل.
أدخل رمز التأكيد
يرجى ملء الحقول أدناه، ومشاركتنا رابط المقال و/أو تحميله:
يرجى إستعمال الملف ك pdf, doc, docx
مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية - سكايز - مؤسسة سمير قصير

ثقافة الحرق تمتد إلى مكتبة محمد المغربي تحت جسر الفيات

المصدر خاص سكايز
الجمعة , ٢١ كانون الثاني ٢٠٢٢

كيف نعلم أننا وصلنا إلى عتبة الإفلاس الأخلاقي والانحدار الفكري في هذا البلد؟ نعلم ونتيقّن عندما تُقدم مجموعة من الشبان على حرق مكتبة الرجل الثمانيني محمد المغربي، المكتبة البسيطة التي أسّسها منذ حوالي السنتين تحت جسر الفيات، ويتّخذ منها مسكناً له ولكتبه، بعد أن تبدّلت أحواله وأصبح مشرّداً ومن دون ملجأ... إلّا هي. هذه الحادثة "النارية" تشرح الكثير الكثير عمّا آل إليه البعض، الذي أصبح يخاف من مجموعة كتب قديمة، لكن قيّمة، قام بتجميعها شخص مسّن، يبيعها ويعتاش منها، وقد ضجّت وسائل التواصل الإجتماعي بقصته.

هذه الجريمة الهمجية لا تخرج عن سياق الإنهيار والفوضى الذي تعيشه البلاد، فظاهرة حرق الكتب وتلفها هي في المضمون والجوهر بداية إحراق لتاريخ ومستقبل بلد، أصبح لا يعاني فقط من انهيار اقتصادي ومالي، بل انهيار ثقافي وأخلاقي، يتلخّص في إلغاء كل مظهر من مظاهر الثقافة. علماً أنها ليست حادثة الحرق الأولى في لبنان، فإحراق مكتبة المغربي يُعيد إلى الأذهان ما حصل في مكتبة "السائح" منذ سنوات غير بعيدة في مدينة طرابلس، المكتبة العريقة التي كانت تضم نحو 80 ألف كتاب، وتحوّلت خلال ساعات إلى رماد.

إن الحرق المتعمّد للكتب التي تمثّل الحكمة والعلم، هو إصرار من مرتكبيه على تدمير المعرفة والثقافة في لبنان، وليؤكدوا أن الجهل هو أصل الشرّ الذي ارتكب هذا الفعل البربري. قضية محمد المغربي الذي حاز على اهتمام الرأي العام، خصوصاً بعد أن قام  وزير الثقافة محمد المرتضى بزيارته منذ حوالي الأسبوع للإطّلاع على وضعه تمهيداً لتقديم المساعدة اللازمة، يبدو أنها لم تعجب البعض مع كل هذه الضجة التي أحاطت هذا الرجل المثقف المسكين، فارتكبت هذه الجريمة كي يبقى الانغلاق، كما الحقد، سيّد الموقف.

بارقة الأمل الوحيدة تجلّت في موقف عدد من الناشطين والمواطنين على مواقع التواصل الإجتماعي الذين دانوا هذه الحادثة، معلنين تضامنهم مع المغربي وفتح باب التبرّعات لإعادة بناء المكتبة تحت جسر الفيات، ليؤكدوا أن الثقافة والمعرفة تتحدّيان النار والموت، ومثلما قال المغربي في حديث إلى قناة "الجديد": "حرقوها ... بس رح تنبنى من أول وجديد".

مشاركة الخبر