الرجاء إدخال البريد الالكتروني للحصول على رمز تأكيد التنزيل.
أدخل رمز التأكيد
يرجى ملء الحقول أدناه، ومشاركتنا رابط المقال و/أو تحميله:
يرجى إستعمال الملف ك pdf, doc, docx
مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية - سكايز - مؤسسة سمير قصير

نصر الله يطلق معركة على المثليين في لبنان.. ومخاوف من منسوب العنف

المصدر الحرّة
الإثنين , ٢٤ تموز ٢٠٢٣

أطلق أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، معركة اجتماعية وثقافية وفكرية على مجتمع الميم عين في لبنان، معتبراً أنها معركة تتخطى "حزب أو طائفة"، إلى "معركة كل المجتمع بمسلميه ومسيحيّه" مشدداً على "ضرورة المواجهة بكل الوسائل، وبدون أسقف".

كلام نصر الله جاء خلال مجلس عاشورائي في ضاحية بيروت الجنوبية، وأثارت غضب وقلق أفراد مجتمع الميم عين، كما في كل مرة يجري فيها رفضهم والتضييق عليهم من قبل رجال الدين والسلطة في لبنان. 


وسبق أن حذرت منظمة أوكسفام، من أنهم يواجهون تحديات هائلة في هذا البلد، حيث "حرمتهم الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت في صيف 2020، مساحاتهم الآمنة ومصادر دخلهم"، داعية الدولة إلى "ضرورة تغيير سياساتها بحيث تضمن مصلحة المنتمين لهذا المجتمع ووقف تجريم المثلية الجنسية".


هجوم حرف الأنظار

كلام نصر الله يضعه الناشط من مجتمع الميم عين، ضوميط قزي، في سياق تحويل أنظار البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" عن الأزمات المعيشية العديدة التي تواجهها، وذلك من خلال التهجم والتحريض على أفراد مجتمع الميم عين. 


ويقول لموقع "الحرة" إنه لا يستبعد ما صدر "من حزب معروف بأيديولوجيته المتطرفة، فجزء من عقيدته استحقار النساء والفئات المستضعفة، وهو يسعى دائماً إلى فرض أيديولوجية واحدة على مجتمعه، وبالتالي وجود أفراد من مجتمع الميم عين لا يناسبه أبداً".


وفي صفحته على "تويتر" غرّد قزي، قائلاً "آخر من يمكنه أن يحاضر المجتمع بالأخلاق والقيم هو المدعو حسن نصر الله. دماء السوريين واللبنانيين الذين تم قتلهم على يد ميليشيا حزب الله لم تجف إلى اليوم. الناس الذين قتلوا أقاربهم جوعاً خلال حصار مضايا سيلعنوك حتى مماتهم. أمثال نصر الله مكانهم السجن، وليس الشاشة للتحريض على الضعفاء". 


وفي تغريدة أخرى، أشار إلى أنه "خلال حرب تموز، كانت منظمة "حلم" التي تعنى بحقوق أفراد مجتمع الميم عين في لبنان، بمقدمة المنظمات التي تقوم بتوفير المساعدات والمأوى. هذا الكلام غير موجه لحزب الله لأن لا أمل بوجود أي إنسانية بسلم القيم لديه، هذا الكلام موجه للناس الذين حاول حسن نصر الله بالأمس تحريضهم على المثليين/ات".


أما اتهامه للمثليين بأنهم "مغلّفون بصبغة أجنبية"، فأمر غير صحيح بحسب ما يقول المدير التنفيذي لجمعية "براود ليبانون" برتو مكصو، ويشرح "هم أفراد من المجتمع اللبناني منذ ولادتهم، ولا أحد منهم استورد أفكاره وميوله الجنسية، أما الهدف من لوم الغرب فهو نزع مسؤولية احتضانهم كأفراد من المجتمع، فعدم ظهورهم لا يعني أنهم غير موجودين، بل ربما لكونهم يخشون ذلك، وقد بدأوا ببناء قدراتهم، من هنا أصبح ظهورهم أكبر".


ويشدد مكصو، في حديث لموقع "الحرة"، على أن "مشكلة رجال الدين مع الجندرية والمثلية والنسوية واعتبارها أفكاراً مستوردة، يعود إلى خروج هذه الأفكار عن السلطة الذكورية في مجتمعنا".


وتطرق مكصو إلى ما قاله أمين عام حزب الله بأن "تركيز الغرب سيكون على الدول التي بحاجة لمساعدات مالية، وستكون تلك المساعدات مشروطة بتسويق (الشذوذ)"، بالقول: "لا يمكن أن يطلب لبنان الدعم من الدول الأجنبية في وقت لا يحترم حقوق الإنسان أياً يكن هذا الإنسان بغض النظر عن توجهاته الجنسية والجندرية وغيرهما، فكل شخص يجب أن ينعم بحقوقه، والضغط الاقتصادي وجه من الوجوه التي تدفع المجتمعات لنيل حقوقها".


"كبش محرقة"

"الكلام الصادر علناً عن رجل دين يعتبر مثالاً أعلى لبيئته، والتكليف الشرعي لأفراد هذه البيئة بأن عليهم التصرف مع ما يصفه بالشذوذ الجنسي من دون تحديد كيفية ذلك"، أعطى كما يقول قزي "غطاء دينياً وسياسياً ومجتمعياً للعنف الممارس ضد المثليين، وهذا الأمر سيترجم على الأرض تنمراً وعنفاً لفظياً وجسدياً وحتى محاولات قتل، وفي جولة على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن لمس منسوب التحريض المشبّع بعد الخطاب ضدهم".


كذلك يعتبر مكصو أن "إدخال المثليين في الخطاب الشعبوي يعرضهم إلى نوعين من الخطر، الأول من أتباع رجل الدين، والثاني في إعطاء صبغة دينية - قانونية للرفض، بالتالي التعرض للعنف بحجة دينية"، وللحد من ذلك "تعمل جمعية براود ليبانون على مشروع لتغيير نظرة صنّاع القرار الحقوقية إلى المثليين، بأنهم مثل باقي أفراد المجتمع يجب أن يتمتعوا بكامل حقوقهم".


وسبق أن وثقت "شبكة عملي حقوقي"، من خلال عملها في رصد الانتهاكات للحقوق لجميع الفئات العاملة ومنها أفراد هذا المجتمع، "عشرات ومئات الانتهاكات من قبل ما يسمى المجتمع السوي ومنهم أصحاب عمل، التحرش الجنسي والابتزاز لهم ولهن والتهديد بكشف هوياتهم في حال عدم الاستجابة، وصرفهم من العمل". 


وكما تقول الباحثة والصحفية في مؤسسة "سمير قصير"، وداد جربوع "تنشط بين الفترة والأخرى ظاهرة الهجوم على مجتمع الميم عين من قبل شخصيات سياسية ورجال دين وذلك في سياق المحاولات المستمرة لقمعهم والتضييق عليهم وترهيبهم".


الهجوم على المثليين في لبنان تضعه جربوع في حديث لموقع "الحرة" في إطار "هروب السياسيين من مسؤولياتهم عن حالة الانهيار التي يشهدها البلد على مختلف الأصعدة، وذلك من خلال التصويب على الفئات المهمشة، ومن ضمنها أفراد مجتمع الميم عين، وفي وقت لم نسمع أي ادانة أو استنكار من قبل هؤلاء ضد جرائم اغتصاب وقتل الأطفال، اذ للأسف هناك دائماً من يجبرون على أن يكونوا كبش محرقة في هذا البلد".


قانون "ضبابي"

ما نشهده اليوم في لبنان، كما يصف قزي "موجة من الكراهية تترافق مع موجة مماثلة في كل العالم العربي ضد أفراد مجتمع الميم عين".


وعن واقع هذا المجتمع في لبنان يشرح: "للأسف أفراده يواجهون عنفاً ممنهجاً، سواء من قبل المؤسسات الرسمية أو من قبل كيانات ومنظمات وحتى أفراد، وعدا عن وجود قوانين تستخدم لتجريمهم مثل المادة 534 من قانون العقوبات اللبنانية، يواجهون عنفاً مجتمعياً سواء أكان داخل الأسرة أو المدرسة أو الشارع، كل ذلك يجعل من لبنان بيئة غير متقبلة وحاضنة لأفراد هذا المجتمع".


وتنص المادة 534 من قانون العقوبات اللبنانية على أن "كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة" وذلك من دون تحديد مفهوم الطبيعة وما يعدّ مخالفاً له، لكن أحكاماً عدة صدرت في السنوات الـ15 الأخيرة، فسّرت كما تقول المحامية والناشطة الحقوقية ديالا شحادة هذه المادة بأنها لا تصف المثلية الجنسية كون الأخيرة هي من نتاج الطبيعة، وخلاف الطبيعة لا يمكن أن يكون ناشئ عن الطبيعة نفسها".


والمقصود في هذه المادة بحسب شحادة "أفعالاً أخرى، منها مجامعة الحيوانات، وقد سمعنا العام الماضي بخبر مجامعة مراهقين لحيوانات في إحدى بلدات البقاع".


وفي العادة، تحيل النيابة العامة المشتبه بارتكابهم جرائم إلى التحقيق بواسطة الضابطة العدلية، وللأسف كما تقول شحادة "عدد كبير من الضابطات العدلية لا تزال تظن أن المثلية جرم بحد ذاتها يعاقب عليه القانون، رغم أن الأحكام القضائية أصبحت تنزع الطبيعة الجرمية عنها، باعتبار أنها نتاج طبيعي وليس فعلاً جرمياً يرتكب بحق أحد، فالهوية الجنسية تعود إلى الإنسان وحده، طالما أنه لا يقدم على جرم آخر كخدش الحياء العام وغيرها من الأفعال التي يعاقب عليها القانون اللبناني، التي تنال من أي شخص مثليٌ كان أو كما يطلق عليه (سويّ)".


وسبق أن أكدت الجمعية اللبنانية لطب النفس في بيان أن "المثلية الجنسية لا يمكن اعتبارها مرضاً يتطلب العلاج"، وهو ما أكدته نقابة النفسانيين في لبنان إذ أشارت في بيان إلى أن "علم النفس لا يعتبر المثلية مرضاً والعلاجات التحويلية غير مجدية".


الهجوم على أفراد مجتمع الميم خطير جداً، بحسب ما تصف جربوع مشددة على أنه "يجب على جميع الأشخاص الذي يؤمنون بمفهوم الحرية في لبنان المواجهة، فهذه المعركة تستهدفهم جميعاً".

مشاركة الخبر