وأصبحت الروابط العائلية تعكس التحالفات السياسية والإعلامية، ليست فقط الموالية، بل أيضاً الشركات الإعلامية الكبيرة التي ليس لديها توجه ثابت. والدليل على ذلك، إقفال العديد من المؤسسات الإعلامية بعد تراجع القوة السياسية وإقصاء شخصيات معينة عن الساحة السياسية، وفق ما عرضته الصحافية والباحثة في "سكايز" وداد جربوع.
وكشفت جربوع، عن المراسلات التي توجهوا بها إلى الوسائل الإعلامية، فالبعض منها أتت الإجابة عليه عامة وليست معمقة. والبعض الآخر تجاهل المراسلات. وقد اعتمد رصد مؤشر الملكية على بحث المؤسسة في السجلات التجارية للمؤسسات في وزارة العدل، ولم يفلح قانون حق الحصول على المعلومات، في إتاحة حصول المؤسسة على الإجابة من مصدرها. فالبحث في أرشيف السجل التجاري لوزارة العدل يعطي معلومات عامة أساسية كإسم المالك أو الإسم الجزئي للشركات أو عن طريق رقم لتسجيل الخاص بها. إذ ليس من السهل دائماً العثور على أسماء الشركات التي تمتلك وسائل الإعلام في السجل التجاري، فطريقة جميع البيانات ما زالت بدائية، كما أن وسائل الإعلام قد لا تلجأ إلى إدراج تعديلات لأي مسثتمر أو مالك جديد للمؤسسة. فلا طريقة موحدة في كتابة وإدخال البيانات، بعضها بالعربية والبعض الآخر باللاتينية.
يظهر مرصد ملكية الوسائل الإعلامية، بأن الإعلام والسياسة في لبنان يسيران جنباً إلى جنب، فمعظم الذين يمتلكون وسائل إعلام لبنانية ينتمون إلى سياسيين، أو إلى عائلات لبنانية ذات نفوذ أو لديها مصالح تجارية كبيرة. أما النساء، فحجم تمثيلهن في المؤسسات الإعلامية شبه معدوم، وعادة ما تملك النساء أسهماً صغيرة كجزء من الأسرة الكبرى.
الإعلام الرقمي
تحدث الباحث في "سكايز" كريم صفي الدين، عن كيفية مكافحة وسائل الإعلام خلال الأزمة الإقتصادية للإستمرار، وأثر ذلك في العاملين في القطاع. مع بروز مؤسسات إعلامية بديلة، 50% من الإعلام الإلكتروني البديل مستقل عن الطبقة السياسية، وتركز تلك المؤسسات في صلب عملها على القضايا الحقوقية الأساسية التي لا يعكسها الإعلام التقليدي بالشكل المطلوب، وشكلت مؤشراً حقيقياً لبدائل نموذجية للإعلام في الوقت القريب والبعيد.
بالأرقام، يمتلك 43 وزيراً، أو نواب في البرلمان الحالي والسابق، أسهماً في شركات الإعلام، بينهم 15 عضواً حالياً في المجلس النيابي والحكومة. والمالكون هم سياسيون رفيعو المستوى كرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، جميعهم يمتلكون وسائل إعلام مباشرة أو من خلال أفراد عائلتهم. والحال إن ثلثَي وسائل الإعلام التي شملها الإستطلاع تنتمي إلى شخصيات سياسة أو أحزاب سياسية ناشطة، فيما الوسائل الإعلامية الأكثر شعبية هي في أيدي ثماني عائلات لها مصالح سياسية.
تتداخل الأعمال الإستثمارية لرجال أعمال معروفين يملكون حصصاً في شركات إعلامية، مثل عائلة خياط (مجموعة تحسين خياط)، وشركة المملكة القابضة التابعة للأمير وليد بن طلال. وفي بعض الحالات
ينخرط أصحاب وسائل الإعلام ورجال الأعمال بشكل مباشر في السياسة، كعائلة ميقاتي، وعائلة الحريري، وعصام فارس وعائلة افرام.
كما تظهر ستة أحزاب سياسية (بما في ذلك خمسة ممثلة في البرلمان) والدولة اللبنانية كمُلاك. ومن بين 37 وسيلة إعلامية خاضعة للمراقبة، 29 منها مملوكة لعائلات أو أفراد أو أحزاب حالية أو سابقة تمثل جزءاً من البرلمان أو السلطة التنفيذية.
منصات التواصل الـtop 10
اللافت في مؤشر ملكية وسائل الإعلام، بروز
صفحات إعلامية مناطقية في وسائل التواصل الإجتماعي، كموقع "يا صور"، و"صيدا أونلاين"، و"بنت جبيل.اورغ". وفي سؤال لماذا وضعت هذه الصفحات في البحث، كونها لا تعد مؤسسات إعلامية منظمة، وهي دخيلة على العمل الصحافي وتطاولها إنتقادات لاذعة لجهة استعمال محتويات إعلامية من الإعلام التقليدي والإلكتروني وعرضه من دون مراعاة الحقوق الملكية الفكرية، أجابت جربوع، أن البحث تناول بروز هذه الصفحات كالـtop 10، من حيث نسبة المشاهدة والزيارات لصفحاتها.
تمويل المصارف
وفقاً للمؤشر، تشكل القيمة التمويلية للوسائل الإعلامية من مدخولها الإعلاني، نسبة 10%، فيما التمويل الإعلامي الكبير يأتي من العمل المصرفي والاعلانات المستترة التي بقيت بعد الأزمة الإقتصادية التي عصفت في لبنان، ولا يمكن معرفة مداخل التمويل الأخرى التي يعتاش عليها الإعلام اللبناني، ما يدل على ترابط المصالح الإقتصادية الإعلامية والسياسية في لبنان.
وخلص البحث، إلى أن الواقع الإعلامي من العام 2018 إلى اليوم لم يتغير بشكل كبير، وبقي الإعلام مرتبطاً بالعلاقات السياسية والطائفية، وباتت الساحة الإعلامية عرضة للإستقطاب السياسي والتضليل وخطاب الكراهية.
وفيما وفّر الفضاء الإلكتروني عالماً أكثر تنوّعاً من المؤسسات والمصادر الرقمية للمعلومات مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، فإن التلفزيون والإذاعة والصحف المطبوعة ما زالت عرضة لضغوط السوق غير المستقرّة بشكل متزايد، بالإضافة إلى اضطراب الأسواق الإعلانية بالتزامن مع الجو السياسي القمعي، ويُترجَم ذلك خسارة كبيرة في عائدات الإعلانات، وزيادة في فرص التمويل المسيّس.