الخلفية والسياق
خلال شهر آب 2023، برزت ظاهرة مثيرة للاهتمام في صفوف النواب اللبنانيين وتحديدًا بالتزامن مع الذكرى السنوية لمأساة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، حيث اختارت نسبة كبيرة (50%) من أعضاء البرلمان اللبناني التزام الصمت على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي. الأمر الذي يطرح السؤال التالي: ما الذي يكمن وراء هذا الصمت وهل يعكس القبول بالغياب السائد للعدالة؟ أما في الجانب الآخر، فقد نشر 63 نائبًا خلال الشهر نفسه، ما مجموعه 88 تصريحًا حول الانفجار عبر حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وشكّلت هذه التصريحات نسبة ملحوظة (81 %) من إجمالي تصاريح النواب المرتبطة بحقوق الإنسان.
ويُركّز هذا التقرير، على غرار التقارير السابقة، على التصاريح التي عبّر فيها النواب عن دعمهم لمبادئ حقوق الإنسان. ومع ذلك، سُجّلت خلال عملية المراقبة حالات عدّة أعرب فيها النواب عن آراء تتعارض مع هذه المبادئ. لذلك، أُضيف قسم جديد إلى خاتمة هذا التقرير وهو يُسلّط الضوء على النواب الذين أظهروا سلوكيات ومواقف تمييزية وتحريضية، ووُضع هؤلاء في خانة "خصوم حقوق الإنسان".
المنهجيّة
خلال شهر آب 2023، رُصد 128 تصريحًا عبر الحسابات الخاصة بـ65 نائبًا لبنانيًا عبر منصّتَي "إكس" ("تويتر" سابقًا) و"فايسبوك"، في الفترة الممتدّة من 1 آب/أغسطس 2023 إلى 31 منه. ويُمثّل هذا الرقم أكبر عدد من التصريحات المُسجّلة منذ انطلاق عملية المراقبة خلال شهر واحد.
وقُسّمت التصريحات وِفقًا للمواضيع التالية:
عرْض البيانات
لا بدّ من الإشارة إلى أن المعلومات المُقدّمة في سياق عملية جمع البيانات قد لا تُعتبر شاملةً تمامًا. ومع ذلك، تسمح على الرغم من القيود المُحتملة، بطرح فرضياتٍ حول كيفية تناول قضايا حقوق الإنسان، مع التركيز بشكل خاص على حقوق الصحافيين وحرية التعبير، في الخطاب السياسي العام في لبنان خلال شهر آب/أغسطس 2023.
الرسم 1. توزيع البيانات على أعضاء البرلمان
الرسم 2. توزيع البيانات عبر الأحزاب والمجموعات السياسية
الرسم 3. توزيع البيانات حسب نوع المجموعة
الرسم 4. توزيع البيانات حسب موضوع التصريح
الجدول 1. توزيع البيانات حسب موضوع التصريح واسم المجموعة
التحليل
خلال شهر آب 2023، رُصد 88 تصريحًا لنواب لبنانيين تمحورت بشكل خاص حول ذكرى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. وتجدر الإشارة إلى أن عشرة من هذه التصريحات خُصّصت للدفاع عن حرّية التعبير، بينما تناولت خمسة منها قضية الاعتقال غير القانوني للممثّا الكوميدي نور حجّار. بالإضافة إلى ذلك، برز تركيز في إجمالي سبعة تصريحات، على حقوق الأفراد من مجتمع الميم عين (LGBTQIA+).
ويسمح النظر في العدد الإجمالي للتصريحات بإظهار المجموعات السياسية التي نشرت أكبر عدد من التصريحات خلال شهر آب 2023. وفي الجدول التالي لمحة عامة عن النتائج المُستقاة:
الجدول 2. الترتيب على أساس الأرقام المُطلقة – المجموعات السياسية الخمس التي سجّلت أكبر عدد من التصريحات
الجدول 3. الترتيب على أساس الأرقام النسبية - من المجموعة السياسية ذات النسبة المئوية الأعلى للأعضاء الذين أدلوا بتصريحات إلى المجموعة ذات النسبة الأقل
الجدول 4. ترتيب النواب من 1 إلى 10، حسب عدد التصريحات المنشورة في الفترة الممتدة من حزيران 2022 إلى آب 2023
حافظ النائب مارك ضو في شهر آب 2023 على الترتيب نفسه كما في الشهر المنصرم، باعتباره الأكثر نشاطًا حيث نشر ما مجموعه 10 تصريحات. وحلّت النائبة بولا يعقوبيان في المركز الثاني لهذا الشهر مع 8 تصريحات.
ويُظهر العدد التراكمي للتصريحات المرصودة منذ 1 حزيران 2022، نمطًا ثابتًا حيث احتفظ كل من النواب مارك ضو وحليمة القعقور وإبراهيم منيمنة بترتيبهم في المقدّمة. وذلك منذ شهر كانون الثاني/يناير 2023.
كما تجدر الإشارة إلى العامل المهمّ الذي يُمثّله الإتّساق والثبات في مواقف النواب، حيث واظب النائب ضو على نشر تصريحاتٍ تتعلّق بحقوق الإنسان خلال 13 من أصل 15 شهرًا خضعت فيها البيانات للمراقبة. والحال سيّان بالنسبة إلى كلّ من النائبين منيمنة والقعقور مع تصريحات مماثلة خلال 11 من أصل الأشهر الـ15.
خصوم حقوق الإنسان
كارِهو المثليّين
نشَر النائبان أديب عبد المسيح وإدغار طرابلسي تصريحات عبّرا فيها بوضوح عن معارضتهما لحقوق الأفراد المنتمين إلى مجتمع الميم عين، بحجة أنهم يتعارضون مع المعتقدات الدينية. وعلى مستوى المواقف، سحَب النائب عبد المسيح على سبيل المثال، دعمه لتعديل المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني، والتي تُجرّم حاليًا الجماع الجنسي الذي يُعتبر "على خلاف الطبيعة". بينما ذهب النائب طرابلسي إلى حدّ الإشارة إلى أن أنصار مجتمع الميم عين يُمثّلون جزءًا من أجندة تهدف إلى تشريع الاعتداء الجنسي على الأطفال والعلاقات الجنسية مع الحيوانات.
وعلى الرغم من أن هذا الموقف التمييزي يسود منذ فترة طويلة بين غالبية الشخصيات السياسية اللبنانية، شهد شهر آب 2023 تصعيدًا ملحوظًا في الهجمات التي استهدفت حقوق الإنسان الأساسية لأفراد مجتمع الميم عين. ويهدف العديد من مشاريع القوانين المقدّمة من قِبل شخصيات عامّة إلى تجريم العلاقات المثليّة ومعاقبة أي شخص يُروّج للمثليّة الجنسية بالسجن. ومن ضمن هذه الشخصيات، النائب أشرف ريفي. ولهذا السبب، أُزيل اسمه من الترتيب العام للمساهمين في النقاش حول حقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، استخدم أعضاء كتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله لغة مُحرّضة ومُعادية للمثليّين، حيث عبّر زعيم الحزب حسن نصر الله عن رفض صريح لاستخدام مصطلح "مثليّ الجنس" واصفًا هذا "الفعل المقيت" بـ"الشذوذ".
كارِهو اللاجئين
وأخيرًا، لم يكتفِ النائب الياس جرادة بتقديم اقتراح قانون تمييزي فحسب بل يُمثّل انتهاكًا للقانون الدولي بشكل واضح. وينصّ هذا المقترح على حرمان المواطنين السوريين الذين يُقيمون سرًا في البلاد أو المُسجّلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من فرصة الحصول على وضع قانونيّ في لبنان خلال عام واحد من اعتماده. وبالتالي، يُصنّفهم كمقيمين غير شرعيين، ممّا يُعرّضهم لخطر الاعتقال المحتمل من قِبل النيابة العامة، ويضعهم في مواجهة إمكانية إعادتهم قسرًا إلى سوريا.