في الجزء الأوّل تحدّثنا مع السيّد
أيمن مهنا المدير التنفيذي لمؤسّسة سمير قصير "سكايز - مركز الدفاع عن الحريات
الإعلاميّة والثقافيّة"، والتي أنتجَتْ العمل بدعم من الإتّحاد الأوروبي. (أنقر
هنا للإطلاع على نصّ المقابلة في جزئها الأوّل).
في الجزء الثاني سيحدّثنا صاحب الفكرة
والمنتج التنفيذي لفيلم "Mamnou3" السيّد نديم لحود عن تجربته.

هل فكرة الفيلم عبارة عن
"إنتقامٍ ما " بإسم "جميع الزملاء الفنّانين"- من كاتبي
سيناريو إلى منتجين، وغير ذلك في مقابل "الرقابة"؟ وهو طبعًا حافز لا
يستَثْني قضيّة الحريّة في لبنان؟
بالـتأكيد أنّ "ممنوع" ليس انتقاماً. هذا
التشبيه أو المفردة وكأنّه يشير إلى نوع من العنف من قبلنا (في موقفنا)؛ كما لو
أنّنا نحاول "تسجيل نقاط" على سلطة معيّنة، ندخل معها في كباش، بينما
هذا ليس في حقيقة الأمر.
"ممنوع" هو عبارة عن توصيف يتوسّل
الخيال والكوميديا. (لكن) مستوحى من حقيقة قاتمة كثيرًا: حقيقة تتعلّق بالإستمرار
بالتعدّي وتسديد الضربات إلى حريّة التعبير في مجال الفن والثقافة. إنّ هدف هذه
السلسلة -عدا إضحاك المشاهد- هو فضح وكشف العبثيّة التي تمتاز بها الرقابة في
لبنان أمام الملء. أنا لم أخلق هذه العبثيّة أو [السخف في التعاطي] بل إنّ الفضل
في ذلك يعود إلى القانون البالي الذي أُوْكِلَ الأمن العام تنفيذه.. وأنا حسبي أنْ
أشير بالأصبع إلى ما يفعلون.
هل شخصيّات الفيلم تمثّل بشكلٍ ما أعضاء "هيئة
الرقابة" والعلاقات فيما بينهم؟
لا. "ممنوع" هو فيلم كاريكاتوري أكثر ممّا
هو توثيقي. نحن لم نقم ببحث معمّق لبنية الهيئة المعنيّة.. ببساطة لأنّ دور
"الصحافي المحقّق" في أحد أقسام قوى الأمن غير المعروفة بشفافيّتها ما
كان أبدًا ليسترعي اهتمامي أو ليستهويني.
نادراً ما يشرح القسم قراراته المتعلّقة بالرقابة ما
عدا بعض الكلمات المبهمة (مثل "تهديد أمن الدولة"، إلخ.) ولا يُبرّر
نفسه أبداً تقريباً أمام المواطنين أو في الصحافة؛ مفضّلاً الإختباء خلف ستار من
الحذر والإرتياب. وبالتالي ما فعلناه نحن هو أنّنا عكسنا هذا النقص في الشفافيّة،
فتخيّلنا مختلف الإجراءات والشخصيّات التي تقف خلف هذه القرارات الرقابيّة السخيفة
جداً؛ هكذا وُلد "ممنوع".
هل يبقى "ممنوع" بمثابة
تقرير، نسخ أو ملخّص للتجارب الغاضبة التي قاسها كاتبو السيناريو وغيرهم أمام
الرقابة؟
إنّ أي تشابه مع أشخاص أو مواقف حقيقيّة حصلت أو
تحصل الآن هو صدفة محض.
وأعني بذلك أنّي أكيد بأنّ الكثير من المخرجين
الشباب يشاطرون مصير زياد البائس، وقد عانوا مثله. وأنّ الكثير من كاتبي السيناريو
شاهدوا نصوصهم تُمزّق "باسم الخير العام" على يد "سِيْدنا" ما
أو أحد زملائه، وأنّ أكثر من منتج سُعدوا بلقاء نموذج مثل جويس أو عندما مرّوا من
تحت يدي و[ختمها الأحمر] لميا أو نجم.
هل سنشهد في المستقبل أفلام أخرى
تتناول مواضيع مختلفة، تفضح مشاكل أخرى نعاني منها مثل الكهرباء والإنترنت والخلوي
والتلوّث وغير ذلك...
ثمّة الكثير في الدولة اللبنانية، لنقل في البلد ككل
من الأمور التي تثير السخرية. في الوقت الحاضر، نغرف من الكنز الحقيقي من السخف
والسخرية الذي تولّده لنا الرقابة. ولكن في حال استمرّت المرافق الأخرى هي أيضًا
بأدائها الحالي، فإنّ فرص الاستمتاع بالكوميديا ستمتد إلى ما لا نهاية. لا أحد
محصّن من السخرية.
هل تعتقد أنّ "السخرية،
الإستخفاف والهزل" هم أكثر فعاليّة من الوسائل التقليديّة (من تظاهر المجتمع
المدني، واقتراح مشاريع قوانين تتعلق بالرقابة الخ)؟ بمعنى آخر، كيف تتظّهر القيمة
المضافة لمشروع "ممنوع" في هذا النضال؟
الهدف الأوّل لفيلم "ممنوع"، كأحد وسائل
الحملة هذه، هو جعل النضال من أجل الحرية الثقافية في البلد مسألة تعني الشعب
(الجميع). وميزة هذه الحملة أنّها لم توْلد كاعتراض على قرار معيّن اتخذته
الرقابة.. بل كرفض تام لمفهوم حتى وجود "قسم الرقابة" في دولة ديمقراطية
تريد أن تكون حديثة. هذه الحملة تكمّل حملات أخرى أكثر "جديّة"، ولكنّها
ضروريّة لأنّ التعرّض لحريّة التعبير لا تؤثّر على النخب الفكريّة والفنيّة فحسب.
الكوميديا وسيلة مسليّة أكثر، وأكثر قدرة على الوصول إلى الناس.
هل وصلت أصداء تدلّ على نجاح
الحملة؟ ما كان رأي السيّد Lambda (المواطن
العادي) ورأي "السلطات"؟ هل حاولوا بشكل أو بآخر تخويفك أو ترهيبك؟
أتت ردّة فعل الجمهور إيجابية جداً وحتى تاريخه.
اندهش المشاهدون كوننا نسخر من شيء كان يُعتقد أنّه غير قابل للمس في الماضي،
وكذلك لأنّ "ممنوع" يحمل أسلوباً جديداً من الكوميديا إلى المشهد المحلي
والإقليمي. أسلوب صادق ومباشر، يتصدّى للمحرّمات مع الاحتفاظ بخفّته، وسهولة هضمه
وإمكانيّة المشاركة به على الإنترنت.
ردود الفعل المحتملة من قبل الرقابة لطالما أثّرت
سلبًا على قرار الكثير من الفنانيين الذين التقيناهم للمساهمة أو الاشتراك
بالمسلسل. هذه السلطات تمارس ترهيباً مستمراً في وعي فناني هذا البلد من خلال
سلطتهم الواسعة على المنشورات الفنيّة. وهذا لا يزيدنا إلاّ إصراراً على إكمال هذا
المشروع. لا يجب أن يخاف أي فنان من دولته.
بعد المباشرة بعرض "ممنوع"، لم تصلنا أي
ردّة فعل من قبل قسم الرقابة (أقلّه ليس مباشرة). ولكنّي أكيد أنّه حتى خلال
مناقشتنا هذه، هناك من يُجهد نفسه بالتفكير –جالسًا في بناء يذكّر بالهندسة
المعمارية السوفياتيّة وبحقبة الأنظمة التوتاليتاريّة- للتوصل إلى طريقة ما لإنهاء
هذا النشاز [الصوت المعاكس]، ولقص هذا "الشعب الضار". وهذا ما يؤكّد
مجددًا عبثيّة عمل هذا القسم: على الإنترنت، نحن جميعاً أحرار لسوء حظّهم. شرط أن
يعمل الإنترنت بالطبع، ولكنّ هذه مسألة أخرى...
لماذا في خلاصة القول تحقّق هذا
التعاون مع "سكايز"؟
إنّ مؤسّسة "سكايز" هي الشريك الطبيعي
لهذا المشروع. فهي تشكّل جبهة الدفاع عن حرية التعبير في لبنان والمنطقة منذ
بدايتها. تؤْمِن مؤسّسة "سكايز" بقوّة بالطبيعة "المطلقة"
لحرية التعبير وتُعنى بالدفاع عن الفنّانين والصحافيّين أمام الرقابة والقمع، مهما
كانت آراؤهم.
فضلاً عن ذلك، وفي ظل إدارة أيمن مهنّا، لا تتردّد
مؤسّسة "سكايز" في اعتماد التقنيّات الجديدة والقنوات الحديثة التي يسهل
الوصول إليها لدفع قضيّة حريّة التعبير إلى الأمام. و"ممنوع"هو خير مثال
على هذه الاستراتيجيّة الخلاّقة.