الرجاء إدخال البريد الالكتروني للحصول على رمز تأكيد التنزيل.
أدخل رمز التأكيد
يرجى ملء الحقول أدناه، ومشاركتنا رابط المقال و/أو تحميله:
يرجى إستعمال الملف ك pdf, doc, docx
مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية - سكايز - مؤسسة سمير قصير

تحية للصحافية الراحلة غادة الشريف: "أسرار عالم تجارة الجسد"

الإثنين , ١٣ نيسان ٢٠٢٠
غيّب الموت اليوم الاثنين ١٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٠ الصحافية المصرية المميزة غادة الشريف، الفائزة بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة عام ٢٠١٧ عن فئة التحقيق الاستقصائي. غادة الشريف من ألمع صحافيات العالم العربي، وهي مدافعة شرسة عن حقوق المرأة من خلال الصفحات الاستقصائية في جريدة "المصري اليوم".

تحيّة لروحها وتقديراً لمهنيتها ولكي يستمر نضالها من أجل نصرة النساء المستضعفات، نعيد نشر مقالها الفائز بالجائزة.

أسرار عالم تجارة الجسد

١٨ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٦

 

 

حول قلبى يخفق بشدة، أسمعه بوضوح. النوم خاصمنى منذ أيام، شعور الأمان لم يعد يعرف طريقه إلىّ، أصوات غليظة، وألفاظ خارجة. أوجه مريبة، وعيون تنتهك خصوصيتى، وألسنة لا تعرف سوى المقايضة على ثمنى كأنثى. مجتمع يساومنى على جسدى، ويفتح مزادا علنيا لمن يشترينى بثمن أعلى.

شهور هجرتنى فيها مشاعر الأمان والاستقرار والسعادة، كوابيس مؤلمة مازالت تطاردنى عن رجل ساومنى على نفسى من أجل قضاء شهر أو أقل مقابل حفنة أموال، وآخر أراد بيع ابنته القاصر لثرى خليجى يتزوجها أسبوعا أو اثنين على الأكثر، وسيدة حاولت إقناعى بالتصوير عارية كى يرانى عدة أشخاص فى بلاد أخرى. سلعة رخيصة.. هكذا كان حالى لشهور اخترقت فيها عالم “تجارة الجسد”، الذى لم أظن يومًا أنه قد يكون حقيقيًا، تماما كفيلم “لحم رخيص” الذى قدمته المخرجة إيناس الدغيدى، عام ١٩٩٥، عن فتيات يتم بيعهن لمن يدفع أكثر مقابل الزواج شهرا أو أقل.

كنت لشهور واحدة من بطلات فيلم “لحم رخيص” الحقيقى، تماما مثل “إخلاص وتوحيدة ونجفة”، بطلات الفيلم اللاتى باعهن “مبروك” السمسار، لمن يدفع أكثر، لكن تلك المرة كنت أباع وأشترى علنا وفى الواقع، دون كاميرات سينما أو سيناريو أو فيلم ينتهى بنزول تترات النهاية داخل إحدى قاعات العرض، حاولت فيها جاهدة الحفاظ على نفسى مهما حدث باستغلال مكر النساء.

خضت المغامرة، واخترقت عالم “تجارة الجسد”. ٣ أشهر ونصف استغرقتها التجربة، سبقها شهر من البحث عن سمسار وزيارات متكررة. شعرت بمعاناة كل فتاة يدفع بها والدها أو شقيقها أو والدتها لتُباع
لمن يدفع أكثر تحت اسم الزواج.

حسب دراسات وتقارير منظمات حقوقية مصرية ودولية، فإن كثيرا من الفتيات يدفعهن الفقر إلى الدخول فى عالم “تجارة الجسد”، ويقبلن بالزواج من أشخاص مقابل أموال بعقد عرفى، دون مراعاة لشرعية الزواج، حيث يجرى الزواج كل أسبوع من شخص مختلف. أبطال هذا العالم سمسار الزواج والمحامى الذى يكتب العقد، وراغب المتعة، وهو فى معظم الأحوال ثرى عربى.

دراسة أعدها مركز “عدالة ومساندة” المستقل عام ٢٠١٦، أكدت أنه توجد مناطق انتشر فيها زواج القاصرات، منها بعض القرى التابعة لمحافظة الجيزة، حيث وصلت نسبة الزواج العرفى فى “طموه” إلى ٤٨% من إجمالى الزيجات، وفى الحوامدية ٥٢%، والعزيزية إلى ٣٠%.

الأمر لم يكن سهلًا، اخترت المكان، واستقررت على منطقة “الحوامدية”، كونها واحدة من الأماكن التى تلقى فيها تلك التجارة رواجًا واسعًا، ارتديت العباءة السوداء كأغلب نساء الحى، حملت حقيبة أدوات تجميل، وقدمت نفسى “كوافيرة”، تسعى للمال بأى طريقة هربًا من الفقر، مسقط رأسى قرية “المناوات”، إحدى قرى الحوامدية، اخترتها لأن لى عائلة بها تحمل لقبى. ادعيت أننى لم أعش بالقرية، وعشت عند خالتى فى مدينة الإسكندرية، برفقة شقيقى الذى يبلغ من العمر ١٦ عاماً، حتى لا يفتضح أمرى بسبب اللهجة.

بعد شهر من البحث عن سمسار مثل “مبروك”، بطل الفيلم، ظهر نظيره الواقعى محام من خارج الحوامدية، ساعدنى على الوصول إلى ٣ سماسرة، يتخذون من تجارة الـ”توك توك” والموبايلات، غطاءً لبيع الفتيات. والسماسرة الثلاثة، الأول “م. أفندينا” صاحب معرض “أ. للتوك توك”، والثانى “م. الجنتل”، والثالث “ع. ب. للموبايلات”.

أمام محطة مترو المنيب، وجدت وسيلة مواصلات للحوامدية، التى تبعد عن القاهرة حوالى ١٨ كيلو مترا، ويبلغ عدد سكانها حوالى ١٣٠ ألف نسمة، ويحدها من الجنوب مركز البدرشين ومن الشمال مركز أبوالنمرس، والشرق نهر النيل، والغرب ترعة المريوطية. مشاعر مضطربة، نبضات القلب سريعة، أنا بمفردى أعلى كوبرى الحوامدية، استقللت “توك توك”، وسألته عن معرض “الجنتل”، الذى يملكه أحد هؤلاء السماسرة.

يجلس السمسار “م. الجنتل”، أو “الحاج” كما يناديه العاملون بمعرضه، مرتديا ملابس أنيقة، ويبدو فى الخمسين من عمره، مع عدد من أصدقائه أمام المعرض، علمت بعدها أنهم مساعدوه، سألت عنه، أجاب بنبرة حادة وهو يتفحصنى من رأسى لقدمى: “أنا يا ستى. أى خدمة”.

عرضت مطلبى بشراء “توك توك”، وسألت عن الأسعار، فرد: “إنتى جاية من طرف حد؟ وبلدك إيه؟” فأجبته إننى من قرية “المناوات” أنتمى لعائلة الشريف، خوفا من طلبه بإظهار بطاقتى الشخصية، فيكتشف هويتى، وواصلت سرد قصتى الوهمية، وأننى أبحث عن عمل، وأريد شراء “توك توك” لشقيقى للمساعدة فى تحمل تكاليف المعيشة. أكدت له أننى ذهبت لشراء “توك توك” من شركة “مشروعى” لكن العاملين هناك طلبوا “ضامن”، فلجأت إليك بعد معرفتى بكرم أخلاقه، ومساندته الشباب.

قال لى: “عايزة تقسيط ولا كاش؟ جديد ولا مستعمل؟”، وطلب منى رؤية المستعمل، فوافقت، وسرد لى الأسعار: “الجديد بـ٢٣ ألف جنيه، والمستعمل بـ١٥ ألفا. المقدم ٧ آلاف”، فأجبته بأننى لا أملك سوى ٣ آلاف جنيه، فوافق، ثم طلب منى الحديث على انفراد بعيدا عن مساعديه.

التقطت طرف الحديث وبادرته بصوت هادئ منكسرمستغلة كيد النساء ومكرهن: “يا حاج إنت عارف إنى يتيمة، وهطلب منك طلب صعب بنت تطلبه خالص. أنا سمعت إن فى عرب كتير بييجوا البلد دى، وأثرياء وأنا عايزة عريس مرتاح أسافر معه، أو يتجوزنى هنا ويراعينى أنا وأخويا، لأن مفيش حد بيطلبنى لجواز عشان أنا لوحدى وماليش حد وأنا خايفة، وعايزة الستر وأرتاح بقى من الشقا. عايزة عريس يجيبلى شقة خاصة، وإنى قربت أعنس، سنى كبرت وصلت للتلاتين”.

نظرات المفاجأة بدت عليه، وجحظت عيناه كأنما وجد ضالته، ولم يفكر كثيرًا قبل أن تزوغ عيناه يمينًا ويسارًا، وقال: “إنتى جميلة، والمصرى معندوش شقة، إنتى حلوة وتستحقى عريس غنى، لو كنت هنا من يومين كان فيه عريس إماراتى عنده ٥٩ سنة، بس كان فى ست كبيرة جايبة بناتها الاتنين، عرضناهم عليه، فاختار المطلقة، عمرها ٢٥ سنة، ودفع مهرها ٨٠ ألف جنيه، و٢٥ ألفا دهب، ودفع لينا عمولة ٢٠ ألفا أنا والمحامى اللى خلصنا الموضوع، واشترى شقة فى برج بالحوامدية سعرها ٢٣٥ ألف جنيه، وبيروح وييجى عليها مرة فى السنة وهو حر يطلقها ولا يكمل معاها المهم إنها خرجت بشقة ومبلغ حلو. يا خسارة إنتى أحلى منها. هتتعوض متقلقيش”.

وجدنى فريسة سهلة الصيد، وتعلق بقصتى بمجرد انتهائى منها، وطلب رقم هاتفى: “متقلقيش، أنا هجيبلك عريس عشان إنتى حلوة وتسوى مهر ٢٠٠ ألف جنيه، وهخليه يجبلك شقة”.

دراسة “عدالة ومساندة”، تؤكد وجود ١٢٣ ألف حالة زواج عرفى تمت بين مصريات وأشخاص عرب، وكانت نسبة زواج القاصرات بين هذه الحالات ٥٨%، بالإضافة إلى ظهور أنواع مختلفة من الزواج، منها الزواج السياحى وزواج المتعة، والذى ارتفعت نسبته فى مصر ليصل إلى ٢٦٨ ألف حالة، أغلبها زواج مصريات من عرب.

تركت “الجنتل”، وتوجهت لـ”م. أفندينا”. علمت أنه كان شريكاً للأول، وافترقا بعد مشاكل وصراعات فى تجارة “النساء، والتوك توك”. معرض كبير المساحة، فى شارع رئيسى، أمامه يجلس “أفندينا” مع صديقه “س”، سردت له قصتى.

دقات قلبى ما زلت أسمعها حتى الآن، عيون الجميع تتخلل جسدى، وأصواتهم الغليظة التى تعرض على الموافقة على الزواج لمدة قصيرة مقابل المال مازالت تترد فى أذنى كأغنية متردية اللحن. اخترق أحدهم خوفى وبدأ السؤال عن أصلى، وشقيقى، وأهلى، عذراء أم مطلقة، عمرى، وأخبرنى أن “العرب يطلبون الأعمار الصغيرة، لكن إنتى هجيب لك عريس بالمدة مقابل مبلغ من المال وعقد عرفى بشكل مؤقت”، وقال لصاحبه: “جوزها لقرايبك بتوع الإمارات”.

“سلعة معروضة للبيع”.. هكذا وجدت نفسى فى لحظة أمام نظرات “م. أفندينا”، و”س”، بينما بادر الأخير: “إنتى ساكنة فين. أنا صحيح بجوز بنات بس والله دون عمولة، وعشان سنك كبير ممكن أطلعك الإمارات كخادمة، ومش متجوزة، وهعملك فيزا زيارة هناك، هتشتغلى على إنك مديرة منزل بلاش خادمة وتاخدى ٢٠٠٠ درهم، لكن لو عايزة جواز ممكن أجبلك عريس كبير شوية، بس ده بالمدة وهتخدى ٥٠ ألف جنيه، وشقة، و٢٠ ألف دهب. ده لو إنتى بكر (عذراء)”. وافقت، وأخبرته أنى أنتظر اتصاله.

أيام قبل أن يتصل “س” عشت فيه شتى أنواع الآلام والخوف، وصلت إلى أوجها عندما عرض على عريس مصرى، ٥٦ عاما، يريد الزواج بالمدة، رفضت، وطالبته بعريس عربى، وثرى، بدعوى أن “معاملة العرب أفضل وسينفقون ببذخ”. جعلته يشعر أنى “طماعة هدفى المال”.

سيطر الشك على “س”، وأعطى رقمى لعدد من الرجال للاتصال بى والتحرش بى، سمعت حينها أسوأ الألفاظ، وتلقيت أسوأ العروض حول قضاء ليلة أو ليلتين مع رجل، وبعد أيام عدة قررت خوض المغامرة مع “م. الجنتل” فقط، واستبعدت السمسارين الآخرين.

قبل عيد الأضحى بأيام تبادلت الاتصالات مع “الجنتل”. طلبنى للحضور كى يعرفنى بعدد من المتعاونين معه فى “تزويج الفتيات”، فكان لابد من حضور شقيقى الوهمى، يكون رفيقا فى الطريق، وأداة التوثيق التجربة مرئيا وصوتيا. اخترت شابا لا يتجاوز الـ١٦ من عمره، حتى لا يُسأل عن بطاقته الشخصية. قرر زميلى “محمد” مصور الفيديو، القيام بدور شقيقى. ذهبنا للسمسار فأرسلنا إلى محام يعمل معه فى تلك التجارة.

نبضات قلبى سريعة، الخوف والشك سيطرا على مشاعرى، أخاف من افتضاح أمرى، استقللت “توك توك” معه عنوان المحامى. وفجأة وصلنا قرية “كوم العرب”. انتظرنا رجل، يبلغ من العمر ٥٥ عاما، ويرتدى جلبابا، ملامح الإدمان على وجهه، علمت أنه مدمن “حقن ماكس”، هيئته لا تدل على أنه محام. أدخلنا إلى منزله، رحب بنا، ثم قدم لنا واجب الضيافة. اتصالات كثيرة يتلقاها أثناء جلوسنا، من بينها اتصال لـ”الجنتل”.

فى البداية اعتقدت أننا فى مكتب المحامى، لكنه منزل يتخذه مكانا للقاء الراغبين فى تزويج بناتهم، ومعاينتهن. زوجته يناديها بـ”أم. ع” تساعده، وتتواصل مع السيدات والأثرياء العرب، وترسل لهم صور الفتيات عبر الـ”واتس آب”.

علمت أن المحامى “ع. ا”، يزوّج الفتيات بنظام المدة، يستمر الزواج ٣ أيام أو ٥ أو أسبوع بعقد عرفى، وفق ما يريده الثرى العربى، الذى يمزق العقد العرفى بعد انتهاء المدة أو وقتما أراد.

“سنك كام”.. سألنى المحامى، فأجبت: “٣٥”، فرد: “هل تزوجت من قبل؟”، فقلت: “مازالت عذراء”، فظهرت عليه ملامح الفرح، لأنه “كلما زادت العروس جمالا وكانت بكراً ارتفع مهرها وترتفع معها العمولة”. سألنى عن رغبتى فى السفر للسعودية، فقلت له بسبب ظروف شقيقى، وظروفى، أريد الزواج فى مصر.

اتصل المحامى بالسمسار يستأّذنه فى أخذ رقمى، وسألنى عن مقر إقامتى، وظلت نظراته تلاحقنى وشقيقى من وقت لآخر.

بنظرات ماكرة وصوت خبيث، قطع المحامى لحظة صمت سيطر على الجلسة: “إنتى جميلة، وده هيساعدنى ألاقى عريس فى أسرع وقت، عريس عربى هييجى قريب”. أعربت له عن سعادتى كونه محاميا سيحفظ حقوقى، وأخبرته أنى سأحضر بعض صديقاتى أيضا للزواج، وأعمارهن من ١٨ إلى ٢٥ سنة.

حاولت كسب ثقة المحامى، وأخبرته أن نجاح قصتى فى الزواج من ثرى عربى ستجعلنى أحضر فتيات أخريات إلى هنا، وحاولت إطالة الحديث معه، وسألته عن “زواج المتعة”، وسعر الفتيات، وقال: “سعر البكر مختلف عن المطلقة، لو كنتى هنا من فترة كنت جبتلك زوج ثرى جدا، رغم كبر سنك إلا أن شكلك يعطى أصغر”.

تفاصيل مريعة استطرد المحامى فى سردها من أجل إقناعى بالأمر: “كل شغلانة لها ظروفها، يعنى فى بنات بيكون مهرها ٢٠ أو ٣٠ أو ٥٠ ألفا، حسب المدة اللى هتتجوزها، وفى الغالب بتكون ٣ أيام أو أسبوع. وسيتقاسمها مع العروس “ناخد عمولتنا”، لو حظك طلع عريس عجوز فوق الـ٦٠ سنة اتجوزى بالمدة بعقد عرفى أحسن وخدى منه شقة ولا مبلغ تدفعيه قسط لشقة، متخافيش، الجواز بيتم بعيد عن الحوامدية فى شقق بالجيزة وفيصل والهرم بالمدة. ابعدى عن منطقة العجوزة عشان كلها آداب والشرطة مفتحها عينيها هناك”.

وتابع: “لو الجواز دايم فالعريس العربى بيجيب شقة فى أى مكان إنتى عايزاه فى الحوامدية، ولا الجيزة ولا فيصل، ولو عايزة فى مدينة نصر إنتى وحظك لو الزبون متريش. ويبعت مصروف شهرى من ٣ أو٤ آلاف جنيه، وممكن يطلب زواج ٥ أو ٦ أيام فقط ويدفع مهرا برضه بس بحسب المدة، فى كتير عرب بيتجوزوا كده جواز عرفى لو حصل حمل ممكن أرفعلك قضية وأوثق العقد بالسفارة، وفى زبائن بتطلب مدة صغيرة للجواز من ٥ أيام لأسبوع، وأنا عندى بنات كثير مخصصها لكده، يعنى كل زبون ورغباته، ناس غاوية تتجوز وتاخد البنات معاها فى بلدها وناس غاوية جواز متعة بالمدة، وناس غاوية تروح وتيجى على البنت هنا، يعنى البنت بتتجوز من ٣ إلى ٥ مرات شهريا”.

وخزة فى قلبى لم أستطع التعامل معها، ورغبة شديدة فى البكاء منعت نفسى عنها بشدة، لم أكن يوما أتخيل أنه هناك عالم تباع فيه الفتيات بهذا الشكل. اكتفيت بالصمت وإظهار الضعف أمام المحامى، قبل أن يوجه حديثه إلى: “أحسن حاجة تشتغلى بالمدة ٣ أيام أو ٦، زواج عرفى أحسن والعقد يخلص وتاخدى مبلغ وتتجوزى تانى يوم واحد عادى بس تعملى حسابك بوسائل لمنع الحمل، وأنا اللى بقطع الورقة العرفى”.

أثناء حديثنا، اتصل رجل، يطلب منه زواجا بالمدة، وحاول إقناعى برجل مصرى يريد الزواج ٦ أيام، مقابل ٥٠ ألف جنيه، وسيتقاسمها معى، لكنى رفضت، وأصررت على الزواج من ثرى عربى.

واصل حديثه: “أنا بقالى ٣٠ سنة فى الشغلانة دى، وهى اللى فاتحة بيتى، هى المحاماة بتفتح بيت؟!. بنات كثير من الحوامدية ومن قراها وبعض مناطق الجيزة شغالين معايا، عندى كتير مشغلهم من ٢٠ لـ٣٠ بنت بيتجوزوا بالمدة، فيه منهم سنها صغير من ١٥ لحد ٣٨ سنة، من فيصل والهرم والحوامدية والعروبة والعمرانية ومن الفيوم بالتليفون بجيب للزبون حسب الطلب”.

كان واثقًا من نفسه وهو يحكى عما بدا أشبه بـ”بطولة زائفة” يفتخر بها. نظرات عينيه المتلصصة الزائغة، وحركات أصابعه، وإشارات جسمه، وصوته الأجش، كانت تتصدر المشهد، ثم استكمل حديثه بثقة: “البنت اللى بتتجوز بالمدة اختصاصها كده عشان عايزة فلوس وخلاص، الزبائن عندهم شقق تمليك بيتجوزوا فيها مدة معينة ويمشيها ويديها مبلغ معين، وتتجوز تانى يوم، مش شرط عدة ولا غيره، وأنا جوزت بنات فى سن ١٤ و١٥، و١٦ و١٨ سنة، جواز دائم لأن دول عليهم طلب كبير من العرب كله بعقود عرفية عشان لسه قاصر وبعد كده بوثق الزواج”.

بعد حديثه المطول عن أسعار الفتيات وقانون العرض والطلب فى “تجارة الجسد”، اضطررت إلى سؤاله: “طب والعدة والشرع يا أستاذ؟”، فكان رده: “البنات دى وأحيانا أهلهم عايزين فلوس وخلاص، ده اللى يهمهم. الزواج بالمدة مطلوب كتير من العرب وبيكون فى شقق مفروشة، وباخد مبلغ يتراوح ما بين ١٠ إلى ٢٠ ألف جنيه عمولة حسب كل عريس وحالته المادية، وفترة العدة دى مالهاش وجود، تانى يوم كل واحد يروح لحاله والجواز حسب مزاجها ومزاج الزبون، تتجوز النهاردة، وتتطلق بكرة هى حرة”. وأضاف: “الزواج بالمدة حرام لكنه الأكثر طلبا من العرب، وهو الطريقة الأكثر انتشار حاليا وفاتحة لى بيتى”.

اخترقت عيناه جسدى، وأغلق إحداها وفتح الأخرى، واقترب منى: “إنتى بيضة وحلوة، هحاول أجبلك عريس غاوى استقرار يروح وييجى عليكى كل سنة مرة طالما إنتى بنت بنوت، وعندى مكتبين فى الهرم والحوامدية وممكن نخلص المصلحة فى فيصل أو على المشتل بتاع الحوامدية قاعدة حلوة على النيل، جوزت بنات كتير هناك فى المشتل ده، فى كافيتريا هناك على النيل محدش بيحس بحاجة وخلينا فى العرسان العرب، لأنهم هيدفعوا أكتر. المصريين متعبين، هحاول أجيب واحد يدفع ٥٠ ألف مهر ليكى”.

حاول المحامى تقليل مهرى، كى تزيد نسبة عمولته، رغم أن “الجنتل السمسار” قال لى إن مهرى يساوى ٢٠٠ ألف جنيه، نظرا لأنى “عذراء”، واشترط المحامى أنه سيأخذ عمولة كبيرة منى: “طبعا هاخد مبلغ منك ومن الزبون”، فطلبت زبون يدفع أكتر، كى أستطيع دفع العمولة.

منحى آخر اتجه إليه حديث المحامى، وحاول إقناعى بالاشتراك معه فى التجارة: “إنتى اتربيتى فى إسكندرية، عايز منك تجيبى شقق إيجار عشان الزبائن العرب يتجوزوا فيها، وياريت لو تقدرى تصطادى كام بنت صغيرة من ١٥ إلى ١٨ سنة، العرب بيحبوا بنات إسكندرية، وعايزين نجوز شوية من هناك. بنات إسكندرية تجنن، وليكى عمولتك فى البنات اللى هتجبيها”.

ابنة المحامى، طفلة، ٦ سنوات، التقطت لى صورة، وعندما سألته عن السبب، قال لى: “زوجتى تعمل معى فى تزويج الفتيات، وأكثر خبرة منى، الصورة بتبعتها لأكثر من عريس”، ثم جاءت زوجته، وطلبت منى أن أبتسم كى تلتقط صورة.

رعب وقلق شديدان سيطرا على والمصور بعد خروجنا من منزل المحامى، راودنا الشك: “ممكن نكون متراقبين؟”. عدنا إلى مكتب “الجنتل”، انتظرنا ساعتين، حتى عاد من عمله بمنطقة المعصرة بحلوان، مسقط رأسه، حسب ما ذكره ابنه الذى كان متواجدا فى المعرض.

جاء “الجنتل”، ونقلت له حديث المحامى، وقوله إن ما سيدفعه أى عريس لن يساوى أكثر من ٥٠ ألف جنيه، فرد: “ملكيش دعوة بكلامه”، وأخبرنى أنه سيحاول فى طريق آخر، عن طريق ابن خالته الذى يعمل سمسارا لزواج المتعة، واشترط أن أخبره حال اتصال المحامى بى، لأنه قد يخدعنى، ويأتى بمهر ضعيف.

أثناء جلوسى مع السمسار، اتصل بى المحامى، وعرض عريسا مصريا، يريد الزواج لمدة ٦ أيام فقط، ويدفع مبلغ ٥٠ ألف جينه مهرا، وشقة إيجار، وحاول إقناعى، لكنى رفضت، وأصررت على خوض التجربة مع العربى. فوجئت بالسمسار يأخذ الهاتف، ويخبر المحامى إحضار العريس. حاول السمسار إقناعى بالعريس المصرى: “هتخدى مبلغ حلو تدفعى قسط شقة حلوة”، فأخبرته أن الأفضل الزواج الدائم من ثرى عربى، فلم يجادلنى، وأعاد الاتصال بأقاربه القادمين من الخليج، ومعهم مجموعة عرسان يرغبون بالزواج السياحى بالمدة، والبعض رسمى، وسيسعى لاصطياد عريس لى.

برر”الجنتل” انخفاض إقبال العرب على الحوامدية، بسبب رحيلهم إلى قرية تابعة لها اسمها “طموة”، إذ اشتهرت بانخفاض أسعارها: “البلد دى (الحوامدية) بالذات مشهورة بحب العرب للزواج منها، وأغلب العائلات هنا نصهم عربى بسبب أبنائهم، كثير من العائلات بتحدد رغبتها فى زواج بناتها إما بعقد عرفى دائم فى منزل تقيم فيه ويأتى إليها العربى من وقت لآخر خاصة لو كانت قاصرا، وإما بعقد عرفى مؤقت لمدة أسبوع، يليها زواج بآخر منتشر أكثر خاصة فى طموة، وأم خنان”.

ويضيف: “المطلقة هنا ممكن تتجوز أكتر من مرة وتاخد من ٢٠ لـ٥٠ ألف جنيه، وشقه تمليك، وهى وشطارتها، يا طولت مع الزبون يا قصرت على حسب شطارتها وإنتى برضه لازم تتجوزى كده، وحسب العلاقة بينك وبينه إنتى وشطارتك، اتجوزى بالمدة أفضل، عشان بعد كده تحبى شاب صغير وتتجوزيه”.

أخبرنى أن أحد أصدقائه ومعاونيه ممن يسافرون للعمل فى أحد البلدان العربية، وعده بقدوم شخصين عربيين فى عمر ٣٩، ٥٦ يريدان زواجا فى القاهرة، ووعدنى أنى فى حمايته، ولابد من التواصل معه حتى لا أقع فى فخ النصب.

بفخر شديد سرد “الجنتل” تجاربه مع “زواج المتعة”، وقال: “أنا جوزت بنت خالى، وكانت بكر لعريس خليجى دفع فيها ٨٠ ألفا وشقة تمليك وعمولة ٢٠، أنا والمعاونين بتوعى، ودى جوازات ثابتة، الزواج بعرب كان سهل قبل كده، الإقبال كان كثيرا، لكن الآن الإقبال صعب بسبب السياحة والثورات. كان العربى منهم يقعدوه فى بيته أو بيت السمسار وندخله ٢٠ بنت، أعمارهن بين ١٤ والـ١٨. دلوقتى لو عربى واحد نزل البلد، السماسرة بتتصارع عليه، وعايزة تخطفه”.

بنظرات جشعة مليئة بالتحرش، نظر إلى السمسار، وقال: “متأكد إن فيه عريس ثرى هييجى ليكى، لأن أى حد هيشوفك هيخطفك، إنتى مش حاسة بنفسك ولا إيه، وكمان مش باين عليكى سنك، وأنا مش هاقول سنك غير لما العريس يقتنع هاقوله إن عندك ٢٠ سنة بس، ماتنسيش العمولة”.

انتهت المقابلة مع السمسار، وانصرفت بدعوى التأخير، وأنى أشعر بالجوع أنا وشقيقى، وذهبنا لتناول الطعام كنوع من التمويه حتى لا يرسل من يراقبنا، ويعرف أماكن عودتنا، فإذا به يتصل، ويطلب منى العودة حالا للمعرض، وعلى الفور عدت أنا وشقيقى (المصور) لنجد غرباء بالمعرض يتفحصوننى من رأسى حتى قدمى.

علمت أنهم وسطاء يسافرون لبلد عربى، يأتون بعرب للزواج من الحوامدية وقراها مقابل عمولات بجانب ترحيل فتيات للعمل كخادمات، أو العمل فى الدعارة بالبلاد التى تبيحها، وتحول الحديث لجلسة بيع وشراء، خاصة بعد أن ذكر أحدهم ويدعى “س. ى”، أن هناك مجموعة من العرب يرغبون بالزواج السياحى، الأول يبلغ من العمر ٥٥ عاما، والآخر ٣٥ عاما، لكنهما يطلبان سفرها، الزواج سيكون فى دبى.

وسألنى: “هل تريدين السفر أما البقاء هنا؟”، فتدخل “الجنتل”، وطالبه بشقة هنا فى مصر قبل سفرى، فأكد له أنه سيدفع مهرا كثيرا، يمكن أن تشترى به شقة، فقال له إنه سيرسل صورتى لهما، ومن أعجبه سيطلبنى للزواج.

متاجرة.. هكذا تحولت الجلسة بين السمسار والوسيط، وأصبحت سلعة لها “تسعيرة”، ويتفاوضون بشأنها، الأول يقول إنها “فتاة جميلة، وعذراء”، وطالب بتأمين شقة لإقامتى فيها، واشترط التعامل معى من خلاله.

أراد السمسار استغلالى، وإرسالى إلى الإمارات، للعمل بالدعارة تحت مسمى الزواج. وادعى أنه قريبى، ومسؤول عنى، كى يضمن جزءا من المال، وصورنى الوسيط “س.ى”، أكثر من صورة عبر هاتفه المحمول، وقال إنه سيعود للبلد العربى الذى يعمل به كسائق عند أحد العرسان، ومن ثم يرسل تأشيرة بعد أن يجهز السمسار جواز سفرى.

وقفت صامتة لا أحرك ساكنًا، بينما كانت عيونهم تتفحصنى بنظرات تخدش الحياء، وتنتهك أكثر الأماكن حساسية فى جسدى، بينما حاول السمسار مغازلتى لرفع سعرى: “صاحبة الصورة حلوة”، وقال الوسيط إنه فى حال القبول، سيتم السفر من عقد يوكله له الثرى العربى لعقد قرانى فى مصر، ومن ثم يرسلنى إليه، إلا أنى أصررت على البقاء فى مصر خوفا من ورطة المطالبة بجواز سفرى، لكن “سيد” أصر على إرسال تأشيرة لى ليأخذنى معه، وهناك يتم التعارف مع الزوج العربى.

وطلب السمسار من الوسيط ضرورة دفع مبلغ لشراء شقة مقابل إتمام الزواج، فتدخلت وقلت إنى لن أتنازل عن الشقة، ومهر كبير قبل السفر، لتأمين مستقبلى ومستقبل شقيقى، وطالبه بعرض صورتى على العريسين: “اعرض شروطنا على الاتنين ومن يوافق ستكون من نصيبه. جواز شرعى، والاتصالات وتنفيذ الشروط والطلبات من خلالى”، ثم خاطبنى: “بس لما تسافرى بعد الجواز لو جوزك إداكى ١٠٠ جنيه حوليهم ليّ أنا أحوشهم ليكى، عشان تضمنى مستقبلك إنتى وأخوكى. الجواز هيكون على الإنترنت أو فى السفارة”.

وأصر الوسيط على إرسالى للعريس: “بلاش شروط، إنتى هتاخدى كل حاجة”، فى محاولة لإغرائى بالسفر، إلا أننى أصررت على مطلب الشقة، وهو ما جعل “الجنتل” يشدد على مطالبى حتى يستفيد أكثر بالعمولة: “اللى هينفذ مطالبنا يشيل ويتجوزها”، إلا أن الوسيط “س.ى” انصرف ولم يعد مرة أخرى بعد فشل محاولاته لإقناعى بالسفر معه.

انتهى اليوم بخروجى من عند “الجنتل” السمسار، واعدا بالتواصل مع أقاربه والمحامى “ع” للإسراع بإحضار زوج عربى ليّ فى أسرع وقت. مرّت إجازة عيد الأضحى المبارك، تلقيت بعدها اتصالا من المحامى على رفاعى، يطالبنى بالحضور يوم الجمعة، والانتظار فى “كافيه” على النيل بمشتل الحوامدية، هو المكان الذى تُعقد فيه صفقات الزواج العرفى.

وصلت أنا وشقيقى (المصور) إلى الكافيه فى الرابعة عصر الجمعة، كان فى انتظارنا المحامى، وأبلغنى بوجود عريس عربى يحمل الجنسية الهولندية، ٦٢ عاما، يريد زوجة تعيش معه فى هولندا، وحذرنى المحامى من الحديث أمامه: “اوعى تديه رقمك، أو تتكلمى، أنا هاتكلم عشان أحافظ على حقك، هو هيدفع فيكى ٥٠ ألفا، تاخدى ٣٠، وأنا ٢٠”.

طويل، ضخم البنية، ذو بشرة سمراء، صوته خافت كمن يخاف من شىء، قال إنه قبطان بحرى ولديه شركة لتصنيع المراكب فى هولندا، متزوج هولندية، ويريد الزواج. جلس فى الكرسى المقابل لى، تفحصنى بنظرات حادة، وفى النهاية لم أعجبه، وقال إنه يريد فتاة فى العشرينيات، قلت له: “وأنت كمان مش عاجبنى، عشان سنك كبير”.

أجرى المحامى اتصالات كثيرة لتجهيز فتيات أخريات لعرضهن على العربى صاحب الجنسية الهولندية، وحضرت فتاة تُدعى “ن”، لم تُعجبه أيضاً. فاتصل بأخرى تدعى “إ”، لم تعجبه، واستمر الحال حتى وصلنا إلى ٥ فتيات فى جلسة واحدة، يرانا طالب الزواج دفعة واحدة ويقرر كمن يشترى غرض ذى ثمن بخيس.

٥ فتيات كنت إحداهن، ومحام بهاتف يُحْضِر أنثى وراء أخرى بمكالمة واحدة، ورجل بأمواله ينظر إلى كل واحدة بطرف عينه، التى تزوغ للنظر فى أكثر مناطق الجسد خصوصية، ثم يقول لكل فتاة على حدة سبب رفضه: “إنتى لمضة مش عجبانى”، أو “إنتى بتشيشى”، أو “إنتى أحلى من السوريات بس ناصحة”. صوت الأغانى الشعبية الذى طغى على صوت مياه النيل لم يمنعنى من البكاء أمام الجميع بعد رؤيتى لأكثر المشاهد غير الآدمية التى رأيتها فى حياتى.

بررت الأمر بأنى غاضبة وأبكى لأن العريس رفضنى، وقررت استجماع نفسى من جديد، وانتهت الجلسة بعد رؤيته أكثر من فتاة، واستقر فى النهاية على مُطلقة.

بعد رفضى من العريس الهولندى، كان عرضًا أكثر سوءًا فى انتظارى. الجميع للبيع فى أى وقت وأنا على رأسهن، ولكن الأمر كان أكثر تدنيًا هذه المرة. المحامى طلبنى للحضور، وبدأ يقترب منى ويهمس بصوت ملىء بالرغبة والتوحش، وراودنى عن نفسى: “إنتى عجبانى، وبصراحة عايز أحطك مع بناتى، ولو هجيبلك عريس لازم تكونى لى الأول”.

الصدمة أضاعت صوتى للحظات، ثم بنبرة حاسمة قلت: “إنت ناسى إنى بكر”، فرد: “وإيه يعنى هارجعك بنت بنوت تانى فى ساعة، وببلاش، ماتقلقيش عندى طرق كتير وأعرف دكاترة ترجعك بنت تانى، وهاديكى الفلوس اللى إنتى عايزاها وكمان هاجوزك جوازة حلوة”. رفضت طلب المحامى بمكر، قائلة “إن عشقت اعشق قمر وإن سرقت اسرق جمل”، ولن أقبل إلا بثرى، الأمر الذى دفعه إلى تجاهل اتصالاتى، والتهرب منى.

بعدها بأيام، اتصل بى أحد معاونى المحامى، وطالبنى بالحضور لوجود عريس من الخليج، ٥٩ عاما، يريد الزواج لمدة أسبوع، يأتى كل شهرين ليتزوج من فتاة ثم يطلقها، تاركا العقد العرفى للمحامى، لتمزيقه.

اصطحبت مصورة الفيديو معى، والتقينا معاون المحامى فى مقهى بجوار محطة مترو المنيب، ننتظر العريس الخليجى. دون مقدمات توجه بحديثه إلى: “إنتى صعبانة عليا، احمدى ربنا، العريس الهولندى رفضك علشان بنت بنوت، وكمان لمضة، هو غامض وعايش فى فندق بيدفع ٤٠ ألف جنيه فى الشهر، ومعاه كاميرا بيصور نفسه مع أى فتاة يتزوجها”.

تحولت دفة الحديث عن الرجل الهولندى، وبدأ التفاوض معى بخصوص العريس الجديد، اقترح المعاون بالموافقة على الزواج، وأخذ المال دون التفريط فى عذريتى من خلال عملية نصب على الثرى.

“حرام تفرطى فى شرفك لمجرد زواج أسبوع واحد من عجوز خليجى”.. قالها معاون المحامى متقمصًا شخصية “أخ كبير”، وقال لى: “وافقى على الجوازة، ولو على ماكلمنيش، أنا هاخد رقم الخليجى منه وأجيبه ليكى، ونظبط خطة تنصبى عليه، نأخد منه مبلغ، ويروح لحاله بدون ما تخسرى عرضك”.

وشرح لى الخطة: “بعد كتابة الورقة العرفى، هتروحى معاه الشقة، وهناك تصوتى وفجأة نطلع أنا وأخوكى محمد، ونقول معلهش أصلها عندها حالة نفسية وساعتها هو هيسيبك ومش هينفع يرجع فى كلامه، وياخد الفلوس تانى”. وأضاف: “بس تعملى حسابك فى عمولة ليّ، أو فيه خطة تانية تحطى منوم ونطلع نقلب الشقة، فيه بنات كتير شاطرين أعرفهم عملوا كده يتجوزوا العربى من دول، ويطلعوا ينضفوه بدون ما ياخد حاجة، وهو مايعرفش يبلغ عنهم لأنه هيفضح نفسه، كمان فلوسهم كتير مش هيفرق معاه يخسر ٣٠ أو ٥٠ ألف، أو يخسر شوية دهب. ركزى معايا بس وأنتى تكسبى وتقدرى بعد كده تتجوزى اللى تحبيه واحد صغير من سنك يا بنتى”.

دقائق مريرة مرت فى انتظار العريس الخليجى، اضطررت فيها لسماع خطط المعاون للنصب على الأثرياء العرب، لكن الخليجى لم يأت، وظهرت علامات الغضب على المعاون، وسبه بألفاظ خارجة: “الراجل العربى ده غير محترم، ييجى كل كم شهر ٥ أيام أو أسبوع ويتزوج بنات، ويمشى والمحامى هو اللى بيكتب ليه عرفى، وحكى لى إنه جوزه ٢٠ بنت لغاية دلوقتى بالمدة ما بين بنات قاصر، وستات كبيرة، وكمان هو متزوج اتنين أصلا فى بلده، واحدة مصرية، والتانية بنت بلده”.

نصف ساعة مرت اتصل رجل سعودى بمعاون المحامى يخبره بانتظاره مع اثنين آخرين فى أحد فنادق الهرم، ويطلب منه إحضار بنتين، فاتصل المعاون بالمحامى، يخبره بمطلب السعودى، لكنه رفض، وأبلغه أن الذهاب هناك خطير، خشية من شرطة الآداب.

فشل الزواج من ثرى عربى، دفع معاون المحامى اقتراح الزواج من مصرى، يبلغ من العمر ٦٦ عاماً: “فيه مصرى عايز يتجوز مدة وهيدفع ١٥ ألف جنيه فى أسبوعين”، وشاركت زميلتى المصورة الحديث، وادعت أنها تحلم بزيجة من ثرى عربى، إلا أنها قاصر، وعلى الفور اتصل المعاون بالمحامى، يخبره بوجود فتاة تبلغ ١٧ عاما، وتريد زوجا عربيا، فعرض عليها الزواج ليلة واحدة مقابل ٣ آلاف جنيه، إلا أن صديقتى رفضت.

“ع المحامى بياخد مزاجه من البنت الأول، وبعدين يعرضها على دكتور يرجعها بنت، وبيكتب عليها تعهد إنها تفضل تشتغل معاه”.. حكى لنا المعاون قصة المحامى وكيف تضطر الفتيات إلى العمل معه لسنوات، لكن الأمر وقع علينا كالصدمة لم ننطق بكلمة بعده.

٦ أسابيع فصلتنا عن تلك الجلسة، عندما فوجئت باتصال من “أم ع” زوجة المحامى، أخبرتنى أن لديها عريسا خليجيا، يريد الزواج، والسفر معه، وطالبتنى بصورة أرسلها لها عبر “واتس آب”، قبل أن تتراجع وتخبرنى بأنها وجدت صورة لى على هاتفها التقطتها أثناء زيارتى لمنزلها، وأنهت الاتصال: “جهزى نفسك خلال الأيام اللى جاية، فى أى وقت تيجى ليا”.

بعد أيام اتصلت بى وطالبتنى بالحضور: “فيه واحدة هى اللى جايبة العريس عن طريقها، وعايزة تشوفك وتعرف ظروفك، لأننا عرضنا صورتك أنتى وكام بنت وهو ارتاح ليكى، ولواحدة كمان بس مطلقة، إنتى عجبتيه أكثر عشان أحلى وكمان بكر، الراجل جاى على الشهر اللى جاى فلازم تيجى نظبطك أكثر بشوية صور عشان نخليه ييجى على طول قبل آخر الشهر”.

ذهبت إلى منزل المحامى انتظارا للقاء زوجته، ومعى مصوّرة الفيديو، بعد نصف ساعة حضرت السمسارة “أم.م”.

سيدة ترتدى عباءة سوداء، ونقابا لم يحد من سواده سوى عينيها الظاهرتين من فتحة النقاب، بدأت تتحسسنى بيديها، كمن يعاين بضاعة، والتقطت صورة لى، وأرسلتها للعريس.

التفتت إلى مصورة الفيديو، وخاطبتها: “إيه يا حلوة إنتى مش عايزة تتجوزى”، فردت: “أنا لسه عندى ١٨ سنة”، فقاطعتها: “ولا يهمك، الرجالة أغلبهم عايزين سنك ده”، ثم توجهت بحديثها لى، وطالبتنى بخلع الحجاب، لتصويرى، وإرسال الصورة للعريس، فرفضت، فطالبتنى بصورة فى المنزل، وإرسالها، ووضعت لى المكياج، وصوّرتنى أكثر من صورة، وأرسلتها للعريس العربى. ورفضت طلبها بتعرية الحجاب، بحجة أننى غير مستعدة، لكنها عرضت لى صور فتيات بالملابس الداخلية فقط.

فتاة بملابس النوم، وأخرى بـ”هوت شورت”، وثالثة لا تغطى سوى أجزاء معينة من جسدها، ورابعة التقطت صورًا شبه عارية، وغيرها من الصور على هاتف “أم. م” السمسارة، لفتيات كثيرات تعرضهن على الأثرياء العرب مقابل ليال قصيرة يقضيها يدفع مقابلها أموالا وعمولة.

انتهت الزيارة، بعدها اتصلت بى زوجة المحامى تطلب إرسال صورة لبطاقتى الشخصية، وصورة شهادة وفاة الأب، والأم، لأن العريس قادم إلى مصر يوم ١٦ نوفمبر. أنهيت المكالمة سريعا بعدما فوجئت بالطلب. وكدت أنهى المغامرة.

اتصلت مرة أخرى فأجبتها: “أنا كذبت عليكى، أنا يتيمة، بس معرفش أهلى، كل اللى أعرفه إنى تربيت فى ملجأ ٥ سنوات، وبعدها خرجت للشارع، واشتغلت خدامة عند سيدة كبيرة، علمتنى صنعة الكوافير”، ثم أنهيت الاتصال: “يا أم عبدالرحمن اعتبرى إنك مشوفتنيش”، فكان ردها: “مش مشكلة، بس لازم تيجى بكرة عشان نلاقى حل، لأن العريس ميت عليكى وهيدفع مهر كبير، تعالى وهنحلها بورق مضروب باسم تانى، نسميكى رغدة مثلا”.

تراجعت عن الانسحاب، وقررت الاستمرار فى المغامرة، ذهبت بمفردى، انتظرت فى موقف “السهران” بالحوامدية، وسيطرت علىّ مشاعر الحزن والخوف. جاء السمسار “م. الجنتل”: “كويس إنك جيتى يا ستى، الراجل خلاص واقع فيكى وعايزك تسافرى معاه، ولازم نظبطلك ورق، وتروحى معاه”.

انتقلت الجلسة إلى منزل المحامى، وهناك أعدوا لى كمينًا محكمًا، وبدأت الأسئلة من “الجنتل” والمحامى، وزوجته، بدأها السمسار: “بلاش تخبى حاجة عننا، أنا أقدر أجيب قرارك، أنا كنت شغال مع أمن الدولة، أقدر أرجع تانى لزمايلى، وأجيب كل حاجة عنك فى ساعة”. وطلب المحامى منى اسم الملجأ الذى تربيت فيه ٥ سنوات: “هناك أكيد هنلاقى أى ورقة، حتى لو شهادة ميلاد”، فتظاهرت بعدم تذكرى، بدعوى إنى كنت صغيرة.

حيرة وقع فيها السمسار والمحامى، وقال الأول للثانى: “اعمل أى حاجة يا أستاذ حتى لو خصمنا جزء من مهرها ٥ آلاف ولا حاجة ودفعنا ٢٠٠٠ لأى راجل يعمل أبوها ونطلعلها ورق”. وقال المحامى: “لو لقيت حد يعمل أبوكى هطلعلك ورق على إنك ساقط قيد ودى لعبتى، ولا أقولك بصى فى حل تانى وجامد، أنا هكتبك على إنك أختى فكيهة، وهى ماتت من كام سنة، وهى ملهاش حد، ومتجوزتش”. لكنه تراجع بعد ذلك عن فكرة التزوير، بسبب الخوف من افتضاح الأمر، وفشل الأمر، ولم تفلح قصة الزواج من الثرى العربى بسبب الأوراق.

كانت تلك الجلسة أصعب ما مر علىّ خلال التجربة، بينما كان قلبى يرتجف، وأخاف من افتضاح أمرى، كان السمسار يفكر فى أمر آخر، لم يشأ عقلى تصديقه حتى اللحظة: “أنا بنتى ١٦ سنة، وعايز لها عريس عربى، بدل ما أجوزها مصرى يرجعهالى كل يوم معيطة”، وجهها السمسار “الجنتل” إلى زوجة المحامى، فيما بدا لى “كابوس يبيع فيه الأب نجلته فى سوق الرقيق”.

وقع الكلام على مسامعى كان أثره سيئا، لكن زوجة المحامى قطعت على مشاعرى طريقها، وردت: “ليه طلعتلها بطاقة دلوقتى، كنت سيبها شوية علشان نعرف نسننها، عندى كام عريس عربى عايزين اللى فى سنها”.

“عندى بنتين تانيين زى اللوز فى سن ١٥، و١٧، عايزين عريسين مريشين”، استكمل السمسار عرضه على زوجة المحامى، التى وجدت فى العرض مرادها: “حلو أوى ده، هما بيطلبوا السن ده، طلبك عندى”.

أيام عدة على مشهد مريب لم أستطع نسيانه ثم اتصلت بى زوجة المحامى، وبعد أن تقابلنا، فاجأتنى بمكالمة مع سعودى آخر أعجبته صورى، ويدعى “ف.أ.ن”، سبق له الزواج من الحوامدية، والبدرشين، وتحدث معى، وكان هدفه إملاء شروطه، لكى يرتبط بى، خاصة بعد علمه إنى يتيمة، واشترط علىّ ارتداء النقاب، وعدم السفر معه، وعدم الإنجاب مقابل شراء شقة، وعدم طلب أى مطالب منه.

صوته كان قويًا ورغم ذلك به من الخفوت ما يكفى، بدأ المكالمة: “(أم. ع) بتشكر فيكى”، ثم بدأ سيلا من الأسئلة: “إنتى فعلا بكر؟”، ورغم إن اتصالنا كان تليفونيًا إلا أننى شعرت بانتهاكى وإهانتى بعد ما اضطررت إلى الإجابة عن أسئلته الخارجة، والتى حاول من خلالها التأكد من عذريتى بكل الطرق.

استكمل المحادثة التليفونية مع زوجة المحامى، وبدت أنها على اتصال مستمر به من خلال حديثها ومداعبتها له بالكلام والهزار والتهريج، ووصفتنى له بأنى “مكسورة الجناح، وغلبانة ومسكينة، وهتسمع الكلام ومطيعة، وهتكسب فيها ثواب لو اتجوزتها، خاصة أنها مالهاش حد”، وهو ما جعله يوافق سريعا.

أُعجب السعودى “ف” بى من خلال مقاطع الفيديو التى أرسلتها له زوجة المحامى، وأخبرتنى أنه يريد الزواج عرفيا مقابل تأجير شقة، ودفع مهر ١٥ ألف جنيه، وافقت على الزواج، وقالت إنها ستحاول زيادة المبلغ إلى ٢٠ ألفا، نصيبى ١٠ آلاف، والمحامى وزوجته والسمسار ١٠.

رفضت الأمر: “دا مهر بسيط يا أم (ع)، وأنا خلاص صرفت نظر، ولما ييجى اللى يقدرنى أبقى أتجوزه”، فردت: “مفيش حد هيدفع أكثر من كده عشان إنتى يتيمة، ومفيش ورق، إلا بقى تتجوزى عرفى بالمدة، وده اللى كان هيحصل مع السعودى”، فقلت: “لا خلينى من غير جواز أحسن”.

أكثر من أسبوع اعتقدت فيه أن الأمر انتهى عند تلك النقطة، لكن السمسار والمحامى وزوجته كانوا يعدون لأمر أكثر أهمية. اتصالات متكررة اضطررت للرد عليها دعتنى للحضور سريعًا إلى منزل السمسار. أدركت أن أمراً لا يمكن إخطارى به على الهاتف فى انتظارى.

ثرى خليجى يريد الزواج بالمدة، وآخر مصرى يملك شقة فى فيصل وأراضى وعمارات يريد الزواج لمدة ٦ أيام، وسعودى فى منتصف العمر يريد زواجًا عرفيًا دائمًا مقابل بضعة أيام سيقضيها معى فى فترة إجازته. عروض زواج متعددة كانت فى انتظارى تلك المرة، لكن ثمة مشكلة حالت بينى وبينها وهى أوراق إثبات الشخصية التى ادعيت عدم امتلاكى لها.

“إيمان حسن على إبراهيم، ٢٥ سنة، أم فلسطينية، أب مصرى، مقيمة فى عرب أبوهريش، الحوامدية الجيزة”، بيانات بطاقة رقم قومى كانت فى انتظارى، زورها المحامى بـ٣ آلاف جنيه، كما أخبرتنى زوجته، كى يستطيع تزويجى لثرى خليجى، ولم ينقصها سوى صورتى الشخصية التى التقطها مصور فى أحد استوديوهات الحوامدية أرسلونى إليه لإنجاز المهمة.

رفض المحامى إعطائى البطاقة بعد حصوله عليها “علشان ملعبش من وراهم عن طريق حد تانى”، كما أخبرنى، وبدأ برفقة زوجته سرد قصص ٣ رجال، مصرى وسعوديين، شاهدوا صورى وأرادوا الزواج منى. يوم واحد واتصلت بى زوجة المحامى للحضور وكان فى انتظارى ثرى سعودى فى منزل المحامى يدعى “أ.ع”، وآخر مصرى، ٦٢ عامًا، فى منزل مجاور.

رفضنى السعودى بعد ربع ساعة بدعوى إنى “بكر”، وهو يريد مطلقة للزواج بالمدة، ثم عرضوا عليه فتاة أخرى تدعى “آ”، وافق عليها لأنها تفى بغرضه. كان الأمر أشبه بعرض فتيات فى سوق تذهب واحدة وتجىء الأخرى، وعيون الثرى المتلصصة وضحكاته العالية مع السمسار والمحامى وزوجته تحتل صدارة المشهد.

“آ” التى وافق عليها السعودى، فتاة سمينة قليلًا، بعض خصلات شعرها أخرجتها عمدًا أسفل الحجاب، المكياج يغطى وجهها، ظننتها مطلقة، لكنها أخبرتنى الحقيقة. أراد السمسار والمحامى الاتفاق مع السعودى على المهر وأرسلونى معها إلى غرفة جانبية.

أخرجت علبة سجائر من حقيبتها والتقطت واحدة، وتفقدتنى من رأسى حتى قدمى: “اسمك إيه يا حلوة؟، سنك كام؟، وإيه حكايتك؟”، أخبرتها قصتى المزيفة، فوجدت حلًا مناسبًا على طريقتها الخاصة: “تعالى عيشى معايا، هأجرلك أوضة جمبى، وعندى واحد هيجيب لنا مصالح، الساعة بـ٥٠٠ جنيه، ويمكن أكتر حسب كل زبون”.

استنكرت الأمر، ورفضت الاستجابة لحديثها، ونصحتها بمحاولة الزواج الرسمى، لكن إجابتها وقعت على نفسى وقعًا أليمًا: “اخرسى يا بت إنتى، عايزانى أروح فى داهية؟، أنا متجوزة رسمى وعلى ذمة راجل، بس مسافر بقاله فترة وبينا مشاكل ورافض يطلقنى، ومخلفة منه ابن، وأنا شغالة كده علشان أصرف على نفسى وعلى ابنى وإخواتى”.

تجمع “آ” بين زوجها وعدد لا بأس به من الأزواج، تتزوجهم بالمدة، ثم يمزق المحامى الورقة، ويزوجها فى اليوم التالى لآخر، وهكذا شقيقتها “س”، متزوجة من رجل مسجون، ولديها طفلان، ترفض الطلاق لأنها “تحبه”، كما أخبرتنى، لكنها تتزوج كل فترة بالمدة مقابل مبلغ من المال، وأختها المتزوجة “س” حضرت العرض أيضاً للزواج مرة أخرى بالمدة.

ساعتان من العرض والطلب قضيتها ومعى فتيات أخريات، إحداهن تزوجت أمامى بعقد عرفى لمدة ٦ أيام، مقابل ٣ آلاف لها، و٤ للمحامى وزوجته، وانصرفت مع السعودى، وظللت فى الجلسة بانتظار سعودى آخر جاء ليرانى برفقة السمسارة “أم. م”.

مليونير سعودى من مدينة الرياض، يدعى “أ.ع”، يرتدى ملابس “كاجوال”، يبلغ من العمر ٥٦ عامًا، هادئ الطباع، أراد زواجًا دائمًا بعقد عرفى يتيح له زيارتى ٦ أيام سنويًا خلال فترة قضائه إجازته فى مصر. تجاذبنا أطراف الحديث، غازلنى: “إنتى جميلة، مبتحطيش مكياج، وشك منور”، اكتفيت بالصمت، وردت عنى زوجة المحامى: “دى غلبانة ويتيمة وبنت بنوت”.

سألنى عن طلباتى، وأخبرنى قبل رحيله أنه سيتفق مع السمسارة على متطلبات الزواج، وسيخبراننى بها فى الجلسة المقبلة. فشل عرض السعودى بعد إصرارى على امتلاك شقة تمليك، كما أن “عمولة” السمسارة لم تعجبها، فأنهت الأمر.

شعرت بحزن ومعاناة. المرأة تتحوّل فى مصر إلى سلعة، تُباع لمن يدفع أكثر، مزاد علنى يومى يقام فى المناطق الشعبية، يذهب أحدهم ليشترى أنثى، ثم يقضى معها ما يريد، ويمزق الورقة قبل أن يستقل سلم الطائرة.

مشاركة الخبر