هذا التقرير هو الأوّل من أربعة تقارير ستُصدرها مؤسسة سمير قصير خلال سنتين للمساهمة في الأدبيات التي تعُالِج موضوع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي في لبنان، فيما تمرّ البلاد بحقبة متقلّبة للغاية، خاصةً في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية التي تجرف في مسارها الأشخاص الأكثر تهميشاً.
لما كان العاملون في القطاع الإعلامي لا يشكّلون استثناءً عن القاعدة، نحاول في هذا التقرير تسليط الضوء على مجموعة واسعة من البيانات الأولية، وبالتحديد حول مدى تلبية المؤسسات الإعلامية لاحتياجات موظفيها الفورية على مختلف المستويات، على أن يتمّ التوسع في ذلك في أقسام لاحقة. في هذا السياق، نعتقد أنه لا بد من إحاطة الجمهور علماً بنتائج المشروع بشكلٍ وافٍ ومتعمّق، بهدف تعديل السياسات على نحوٍ يمكّن العاملين في المجال الصحافي من اكتساب حقوقهم.
من هذا المنطلق، يستهل التقرير الأول ملاحظاته بخلفية تستند إلى التطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية في البلاد، ثم يتناول في قسمه الثاني الطريقة المعتمدة لجمع البيانات الأولية وصياغة الاستبيان. بعد ذلك، سيتمّ تصنيف البيانات وعرضها على أساس نوعي وكمّي، بحسب عدد العيّنات التي سيتمّ جمعها. بناءً على ذلك، ستُعقد سلسلة من اللقاءات مع أصحاب وسائل إعلامية، ومحرّرين، وعاملين في المجال الإعلامي، وغيرهم من أصحاب المصلحة قرابة نهاية كل تقرير، بهدف مناقشة التدابير التصحيحية والقرارات المطلوبة بعناية ودقة.
خلال الأشهر القليلة الماضية، تصاعدت حدّة الأزمة الاقتصادية، راميةً البلاد في اتّجاه غير محدّد، مع تسجيل تطورات خطيرة بين الحين والآخر نتيجة السياسة النقدية الغامضة التي يعتمدها المصرف المركزي وانعدام الإرادة السياسية بمعالجة حقيقية لسوء الأداء المالي والحكومي. وما لبث هذا الأمر أن ترافق مع صعوبات أكثر تحديداً واجهتها وسائل الإعلام البديلة والتقليدية، تعلّقت بتشبّع القطاع/السوق، وربط المال بالتمويل السياسي، وعدم استقرار سوق العمل. فضلاً عن ذلك، بالرغم من فائدة قانون العمل اللبناني بشكل عام والمحاكم ذات الصلة في حالات محدّدة، لم تتمكّن هذه الأخيرة من تلبية احتياجات العمّال بشكل مناسب نظراً إلى التضخم الجامح المُسيطر على البلاد منذ 2020.
بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الكلّي السائد في البلاد، هناك تخوّف دائم من انعدام الأمن السياسي، في ظلّ مخاطر الاغتيال، والقمع، والاستدعاءات التي لا تنفكّ تستهدف الصحافيين. من هذا المنطلق، يمكن الافتراض أنّ هذا الخطر المتزايد لانعدام الأمن السياسي لا يترافق مع قدر مناسب من التعويض والتأمين للصحافيين. مع مراعاة هذا الواقع بشكل عام، يهدف هذا التقرير إلى فهم ما هو تصوّر الصحافيين لهذه المشكلة المنهجية، وما هي الخطوات التي يعتقدون أنها اتُّخذت ويجدر اتّخاذها للتخفيف من تبعات الأزمة.